responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 573
مِنَ الْقِتَالِ، وَانْتَصَبَ: قَلِيلًا، عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُمَا، لَوْ قُلَتَ: ضَرَبْتُ الْقَوْمَ إِلَّا رِجَالًا، لَمْ يَصِحَّ، وَصَحَّ هَذَا لِاخْتِصَاصِهِ بِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ، وَلِتَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ: مِنْهُمْ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا عِدَّةَ هَذَا الْقَلِيلِ، وَبَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ،
صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لما سُئِلَ عَنْ عِدَّةِ مَنْ كَانَ مَعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ: «ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ عَلَى عِدَّةِ قَوْمِ طَالُوتَ» ، وَهَؤُلَاءِ الْقَلِيلُ ثَبَتُوا عَلَى نِيَّاتِهِمُ السَّابِقَةِ، وَاسْتَمَرَّتْ عَزَائِمُهُمْ عَلَى قِتَالِ أَعْدَائِهِمْ.
وَقَرَأَ أُبَيٌّ: تَوَلَّوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ الْكَوْنَ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُمْ جُثَثٌ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ، وَزَيْدًا، بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَالرَّفْعُ عَلَى أَنْ يَكُونَ تَامَّةً، وَالنَّصْبُ عَلَى أنها ناقصة، واسمها ضَمِيرٌ مُسْتَكِنٌّ فِيهَا يَعُودُ عَلَى الْبَعْضِ الْمَفْهُومِ مِمَّا قَبْلَهُ، التَّقْدِيرُ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ، أَيْ: بَعْضُهُمْ زَيْدًا، وَالْمَعْنَى قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا كَوْنُ زَيْدٍ فِي الْقَائِمِينَ، وَيَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ كَوْنِهِ فِي الْقَائِمِينَ أَنَّهُ لَيْسَ قَائِمًا، فَلَا فَرْقَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بَيْنَ قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا، وَبَيْنَ قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ أَوْ زَيْدًا.
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ فِيهِ وَعِيدٌ وَتَهْدِيدٌ لِمَنْ تَقَاعَدَ عَنِ الْقِتَالِ بَعْدَ أَنْ فُرِضَ عَلَيْهِ بِسُؤَالِهِ وَرَغْبَتِهِ، وَأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ ظُلْمٌ، إِذِ الظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ في غير موضعه.
وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً
قَوْلُ النَّبِيِّ لَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ، لَا يَكُونُ إِلَّا بِوَحْيٍ
، لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ مَلِكًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَخْبَرَ ذَلِكَ النَّبِيُّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَهُ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِسُؤَالٍ مِنَ النَّبِيِّ اللَّهَ أَنْ يَبْعَثَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِغَيْرِ سُؤَالِهِ، بَلْ لَمَّا عَلِمَ حَاجَتَهُمْ إِلَيْهِ بَعَثَهُ.
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ مَلِكًا، فَأَتَى بِعَصًا وَقَرْنٍ فِيهِ دُهْنُ الْقُدْسِ وَقِيلَ: الَّذِي يَكُونُ مَلِكًا طُولُهُ طُولُ هَذِهِ الْعَصَا، وَقِيلَ: لِلنَّبِيِّ. انْظُرِ الْقَرْنَ فَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ فَنَشَّ الدُّهْنَ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَهُوَ مَلِكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَاسُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْعَصَا فَلَمْ يَكُونُوا مِثْلَهَا، وَكَانَ: طَالُوتُ سَقَّاءً عَلَى مَاءٍ، قَالَهُ السُّدِّيُّ، أَوْ: دَبَّاغًا عَلَى مَا قَالَهُ وَهْبٌ، أَوْ مُكَارِيًا، وَضَاعَ حِمَارٌ لَهُ، أَوْ حُمُرٌ لِأَهْلِهِ، فَاجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ لِيَسْأَلَهُ عَنْ مَا ضَاعَ لَهُ وَيَدْعُو اللَّهَ لَهُ، فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَهُ نَشَّ ذَلِكَ الْقَرْنَ، وَقَاسَهُ النَّبِيُّ بِالْعَصَا، فَكَانَ طُولَهَا، فَقَالَ لَهُ: قَرِّبْ رَأْسَكَ فَقَرَّبَهُ وَدَهَنَهُ بِدُهْنِ الْقُدْسِ، وَقَالَ: أَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أُمَلِّكَكَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَقَالَ طَالُوتُ: أَنَا؟

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 573
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست