responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 527
مَا تَعُودُ عَلَيْهِ الْهَاءَانِ، وَلَمَّا هَدَّدَهُمْ بِأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمْ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْهُ، أَرْدَفَ ذَلِكَ بِالصِّفَتَيْنِ الْجَلِيلَتَيْنِ لِيُزِيلَ عَنْهُمْ بَعْضَ رَوْعِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ عِقَابِهِ، لِيَعْتَدِلَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فِي الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، وَخَتَمَ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ الْمُقْتَضِيَتَيْنِ الْمُبَالَغَةَ فِي الْغُفْرَانِ وَالْحِلْمِ، لِيُقَوِّيَ رَجَاءَ الْمُؤْمِنِ فِي إِحْسَانِ اللَّهِ تَعَالَى، وَطَمَعَهُ فِي غُفْرَانِهِ وَحِلْمِهِ إِنْ زَلَّ وَهَفَا، وَأَبْرَزَ كُلَّ مَعْنًى مِنَ التَّحْذِيرِ وَالْإِطْمَاعِ فِي جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، وَكَرَّرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى لِلتَّفْخِيمِ، وَالتَّعْظِيمِ بِمَنْ يُسْنَدُ إِلَيْهِ الْحُكْمُ، وَجَاءَ خَبَرُ أَنَّ الْأُولَى بِالْمُضَارِعِ، لِأَنَّ مَا يَهْجِسُ فِي النُّفُوسِ يَتَكَرَّرُ فَيَتَعَلَّقُ الْعِلْمُ بِهِ، فَكَأَنَّ الْعِلْمَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ مُتَعَلِّقِهِ، وَجَاءَ خَبَرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ بِالِاسْمِ لِيَدُلَّ عَلَى ثُبُوتِ الْوَصْفِ، وَأَنَّهُ قَدْ صَارَ كَأَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ.
قِيلَ: وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ ضُرُوبًا مِنَ الْبَدِيعِ.
مِنْهَا: مَعْدُولُ الْخِطَابِ، وَهُوَ أَنَّ الْخِطَابَ بِقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ الْآيَةَ عَامٌّ وَالْمَعْنَى عَلَى الْخُصُوصِ. وَمِنْهَا: النَّسْخُ، إِذْ هِيَ نَاسِخَةٌ لِلْحَوْلِ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ.
وَمِنْهَا: الِاخْتِصَاصُ، وَهُوَ أَنْ يَخُصَّ عَدَدًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِمَعْنًى، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً وَمِنْهَا: الْكِنَايَةُ، فِي قَوْلِهِ: وَلكِنْ لَا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا كَنَّى بِالسِّرِّ عَنِ النِّكَاحِ، وَهِيَ مِنْ أَبْلَغِ الْكِنَايَاتِ. وَمِنْهَا: التَّعْرِيضُ، فِي قَوْلِهِ: يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ وَمِنْهَا: التَّهْدِيدُ، بِقَوْلِهِ فَاحْذَرُوهُ وَمِنْهَا: الزِّيَادَةُ فِي الْوَصْفِ، بِقَوْلِهِ: غَفُورٌ حَلِيمٌ.
لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً
نَزَلَتْ فِي أَنْصَارِيٍّ تَزَوَّجَ حَنِيفِيَّةً وَلَمْ يُسَمِّ مَهْرًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَتِّعْهَا وَلَوْ بِقَلَنْسُوَتِكَ»
: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ الْآيَةَ.
وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ: لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى حُكْمَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ، بَيَّنَ حُكْمَ الْمُطَلَّقَةِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَغَيْرِ الْمُسَمَّى لَهَا مَدْخُولًا بِهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَالْمُطَلَّقَاتُ أَرْبَعٌ: مَدْخُولٌ بِهَا مَفْرُوضٌ لَهَا، وَنَقِيضَتُهَا، وَمَفْرُوضٌ لَهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا، وَنَقِيضَتُهَا.
وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ لِلْأَزْوَاجِ، وَمَعْنَى نَفْيِ الْجُنَاحِ هُنَا هُوَ أَنَّهُ:
لَمَّا نَهَى عَنِ التَّزَوُّجِ بِمَعْنَى الذَّوْقِ وَقَضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَأَمَرَ بِالتَّزَوُّجِ طَلَبًا لِلْعِصْمَةِ وَالثَّوَابِ،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 527
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست