responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 511
انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِإِمْسَاكِهِنَّ، وَهُوَ مُرَاجَعَتُهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِنَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ أَكَّدَ الْأَمْرَ بِالْإِمْسَاكِ بِمَعْرُوفٍ، بِأَنْ نَصَّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ إِمْسَاكِهِنَّ ضِرَارًا بِهِنَّ، وَجَاءَ النَّهْيُ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ يَقَعُ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الرَّجْعَةِ، ثُمَّ الطَّلَاقِ، ثُمَّ الرَّجْعَةِ، ثُمَّ الطَّلَاقِ عَلَى سَبِيلِ الْمُضَارَّةِ لِلنِّسَاءِ، فَنُهُوا عَنْ هَذِهِ الْفِعْلَةِ الْقَبِيحَةِ تَعْظِيمًا لِهَذَا الْفِعْلِ السَّيِّءِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ إِيذَاءِ النِّسَاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ مَنِ ارْتَكَبَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، أَيْ: إِنَّ إِمْسَاكَ النِّسَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْمُضَارَّةِ، وَتَطْوِيلِ عِدَّتِهِنَّ، إِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى نَفْسِهِ، حَيْثُ ارْتَكَبَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ نَهَى تَعَالَى عَنِ اتِّخَاذِ آيَاتِ اللَّهِ هزؤا، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ آيَاتٍ فِي النِّكَاحِ، وَالْحَيْضِ، وَالْإِيلَاءِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعِدَّةِ، وَالرَّجْعَةِ، وَالْخُلْعِ، وَتَرْكِ الْمُضَارَّةِ، وَتَضَمَّنَتْ أَحْكَامًا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَإِيجَابَ حُقُوقٍ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ عَدَمُ الِاكْتِرَاثِ بِأَمْرِ النِّسَاءِ حَتَّى كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ الْبَنَاتِ احْتِقَارًا لَهُنَّ، وَذَكَرَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ مَنْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فَهُوَ ظَالِمٌ، أَكَّدَ ذَلِكَ بِالنَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ آيَاتِ اللَّهِ هزؤا، بَلْ تُؤْخَذُ بِجِدٍّ وَقَبُولٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا يُخَالِفُ عَادَاتِهِمْ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِذِكْرِ نِعْمَتِهِ، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْكَ فَيَجِبُ أَنْ يَأْخُذَ مَا يُلْقِي اللَّهُ مِنَ الْآيَاتِ بِالْقَبُولِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ شُكْرًا لِنِعْمَتِهِ السَّابِقَةِ، ثُمَّ نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنَّ مَا أَنْزَلَ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ فَهُوَ وَاعِظٌ لَكُمْ، فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ وَالِانْتِهَاءُ عِنْدَهُ، ثُمَّ أمر بتقوى الله تعالى، وَبِأَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، فَهُوَ لَا يَخْفَى عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِكُمْ، وَهُوَ يُجَازِيكُمْ عَلَيْهَا.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ الْأَزْوَاجَ إِذَا طَلَّقُوا نِسَاءَهُمْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ لَا تَعْضُلُوهُنَّ عَنْ تَزَوُّجِ مَنْ أَرَدْنَ إِذَا وَقَعَ تَرَاضٍ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ وَخَاطِبِهَا، وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ مِنْهُمُ امْرَأَةً وَبَتَّهَا يَعْضُلُهَا عَنِ التَّزَوُّجِ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: ذَلِكَ إِلَى الْعَضْلِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ يُوعَظُ بِهِ الْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا لَمْ يَزْدَجِرْ عَنْ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَنَبَّهَ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، لِأَنَّ ثَمَرَةَ مُخَالَفَةِ النَّهْيِ إِنَّمَا تَظْهَرُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ إِلَى التَّمْكِينِ مِنَ التَّزْوِيجِ وَعَدَمِ الْعَضْلِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ بِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَطْهَرَ لِمَا يُخْشَى مِنَ اجْتِمَاعِ الْخَاطِبِ وَالْمَرْأَةِ عَلَى رِيبَةٍ إِذَا مُنِعَا مِنَ التَّزْوِيجِ، ثُمَّ نَسَبَ الْعِلْمَ إِلَيْهِ تَعَالَى وَنَفَاهُ عَنِ الْمُخَاطَبِينَ، إِذْ هُوَ الْعَالِمُ بِخَفَايَا الْأُمُورِ وَبَوَاطِنِهَا.
ثُمَّ شَرَعَ تَعَالَى فِي ذِكْرِ أَشْيَاءَ مِنْ نَتَائِجِ التَّزْوِيجِ مِنْ إِرْضَاعِ الْوَالِدَاتِ أَوْلَادَهُنَّ، وَذِكْرِ حَدِّ ذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ الْإِتْمَامَ، وَمَا يَجِبُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَعَلَى وَارِثِهِ إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ مِنَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 511
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست