responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 509
خِطَابٌ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً، وَهُوَ مِنْ تَلْوِينِ الْخِطَابِ. وَقِيلَ: هُوَ خِطَابٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ما آتَيْتُمْ.
وإِذا سَلَّمْتُمْ شَرْطٌ، قَالُوا: وَجَوَابُهُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَجَوَابُهُ، وَذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْعَامِلُ فِي: إِذَا، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ: عَلَيْكُمْ. انْتَهَى.
وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ خَطَأٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَامِلَ فِي إِذَا أَوَّلًا الْمَعْنَى الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الشَّرْطُ وَجَوَابُهُ، ثُمَّ قَالَ ثَانِيًا إِنَّ إِذَا تَتَعَلَّقُ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ: عَلَيْكُمْ، وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا قَبْلَهُ، وَلَعَلَّ قَوْلَهُ:
وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ، سَقَطَتْ مِنْهُ أَلِفٌ، وَكَانَ: أَوْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ، فَيَصِحُّ إِذْ ذَاكَ الْمَعْنَى، وَلَا تَكُونُ إِذْ ذَاكَ شَرْطًا، بَلْ تَتَمَحَّضُ لِلظَّرْفِيَّةِ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: مَا أَتَيْتُمْ، بِالْقَصْرِ، وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِالْمَدِّ وَتَوْجِيهُ قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ:
أَنَّ: أَتَيْتُمْ، بِمَعْنَى جِئْتُمُوهُ وَفَعَلْتُمُوهُ، يُقَالُ: أَتَى جَمِيلًا أَيْ: فَعَلَهُ، وَأَتَى إِلَيْهِ، إِحْسَانًا فَعَلَهُ، وَقَالَ إِنَّ وَعْدَهُ كَانَ مَأْتِيًّا، أَيْ: مَفْعُولًا، وَقَالَ زُهَيْرٌ:
فَمَا يَكُ مِنْ خَيْرٍ أَتَوْهُ فَإِنَّمَا ... تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ
وَتَوْجِيهُ الْمَدِّ أَنَّ الْمَعْنَى: مَا أَعْطَيْتُمْ، وَ: مَا، فِي الْوَجْهَيْنِ مَوْصُولَةٌ بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْعَائِدُ عَلَيْهَا مَحْذُوفٌ، وَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى أَعْطَى احْتِيجَ إِلَى تَقْدِيرِ حَذْفٍ ثَانٍ، لِأَنَّهَا تَتَعَدَّى لِاثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا ضَمِيرُ: مَا، وَالْآخَرُ، الَّذِي هُوَ فَاعِلٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَالْمَعْنَى فِي: مَا آتَيْتُمْ، أَيْ: مَا أَرَدْتُمْ إِتْيَانَهُ أَوْ إِيتَاءَهُ.
وَمَعْنَى الْآيَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ جَوَازُ الِاسْتِرْضَاعِ لِلْوَلَدِ غَيْرَ أُمِّهِ إِذَا أَرَادُوا ذَلِكَ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَسَلَّمُوا إِلَى الْمَرَاضِعِ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، فَيَكُونُ مَا سَلَّمْتُمْ هُوَ الْأُجْرَةُ عَلَى الاسترضاع، قاله السدي، وسفيان. وَلَيْسَ التَّسْلِيمُ شَرْطًا فِي جَوَازِ الِاسْتِرْضَاعِ وَالصِّحَّةِ، بَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ، لِأَنَّ فِي إِيتَائِهَا الْأُجْرَةَ معجلا هنيا توطين لنفسها واستعطاف مِنْهَا عَلَى الْوَلَدِ، فَتُثَابِرَ عَلَى إِصْلَاحِ شَأْنِهِ.
وَقِيلَ: سَلَّمْتُمُ الْأَوْلَادَ إِلَى مَنْ رَضِيَهَا الْوَالِدَانِ، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَفِيهِ بُعْدٌ لِإِطْلَاقِ: مَا، الْمَوْضُوعَةِ لِمَا لَا يَعْقِلُ عَلَى الْعَاقِلِ، وَقِيلَ: سَلَّمْتُمْ إِلَى الْأُمَّهَاتِ أَجْرَهُنَّ بِحِسَابِ مَا أَرْضَعْنَ إِلَى وَقْتِ إِرَادَةِ الِاسْتِرْضَاعِ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
وَقِيلَ: سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ مِنْ إِرَادَةِ الِاسْتِرْضَاعِ، أَيْ: سَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَبَوَيْنِ وَرَضِيَ، وَكَانَ عَنِ اتِّفَاقٍ مِنْهُمَا، وَقَصْدِ خَيْرٍ وَإِرَادَةِ مَعْرُوفٍ، قَالَهُ قَتَادَةُ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 509
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست