responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 490
وَانْتَصَبَ: ضِرَارًا، عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ: مُضَارِّينَ لِتَعْتَدُوا، أَيْ: لِتَظْلِمُوهُنَّ، وَقِيلَ: لِتُلْجِئُوهُنَّ إِلَى الِافْتِدَاءِ.
وَاللَّامُ: لَامُ كَيْ، فَإِنْ كَانَ ضِرَارًا حَالًا تَعَلَّقَتِ اللَّامُ بِهِ، أو: بلا تُمْسِكُوهُنَّ، وَإِنْ كَانَ مَفْعُولًا مِنْ أَجْلِهِ تَعَلَّقَتِ اللَّامُ بِهِ، وَكَانَ عِلَّةً لِلْعِلَّةِ، تَقُولُ: ضَرَبْتُ ابْنِي تَأْدِيبًا لِيَنْتَفِعَ، وَلَا يَجُوزَ أَنْ يَتَعَلَّقَ: بلا تُمْسِكُوهُنَّ، لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقْضِي مِنَ الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ اثْنَيْنِ إِلَّا بِالْعَطْفِ، أَوْ عَلَى الْبَدَلِ، وَلَا يُمْكِنُ هُنَا الْبَدَلُ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْإِعْرَابِ، وَمَنْ جَعَلَ اللَّامَ لِلْعَاقِبَةِ جَوَّزَ أَنْ يتعلق: بلا تُمْسِكُوهُنَّ، فَيَكُونُ الْفِعْلُ قَدْ تَعَدَّى إِلَى عِلَّةٍ وَإِلَى عَاقِبَةٍ، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْإِمْسَاكِ عَلَى سَبِيلِ الضِّرَارِ وَالْعُدْوَانِ، وَظُلْمِ النَّفْسِ بِتَعْوِيضِهَا الْعَذَابَ، أَوْ بِأَنْ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ مَنَافِعَ الدِّينِ مِنَ الثَّوَابِ الْحَاصِلِ عَلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ، وَمَنَافِعِ الدُّنْيَا مِنْ عَدَمِ رَغْبَةِ التَّزْوِيجِ بِهِ لِاشْتِهَارِهِ بِهَذَا الْفِعْلِ الْقَبِيحِ.
وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيَقُولُ: طَلَّقْتُ وَأَنَا لَاعِبٌ، وَيُعْتِقُ وَيَنْكِحُ وَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: «مَنْ طَلَّقَ أَوْ حَرَّرَ أَوْ نَكَحَ فَزَعَمَ أَنَّهُ لَاعِبٌ فَهُوَ جَدٌّ» .
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَيْ جِدُّوا فِي الْأَخْذِ بِهَا، وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهَا، وَارْعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا وَإِلَّا فَقَدِ اتَّخَذْتُمُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا، وَيُقَالُ لِمَنْ لَمْ يَجِدَّ فِي الْأَمْرِ إنما أنت لاعب وهازىء. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ مَعْنَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ، الْمُرَادُ آيَاتُهُ النَّازِلَةُ فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَخَصَّهَا الْكَلْبِيُّ بِقَوْلِهِ: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ طَلَّقَ لَاعِبًا أَوْ هَازِلًا، أَوْ رَاجَعَ كَذَلِكَ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَنْزَلَ آيَاتٍ تَضَمَّنَتِ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فِي النِّكَاحِ، وَأَمْرَ الْحَيْضِ وَالْإِيلَاءِ، وَالطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ، وَالرَّجْعَةِ وَالْخُلْعِ، وَتَرْكِ الْمُعَاهَدَةِ، وَكَانَتْ هَذِهِ أَحْكَامُهَا جَارِيَةً بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ، وَفِيهَا إِيجَابُ حُقُوقٍ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَهُ عَلَيْهَا، وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ عَدَمُ الِاكْتِرَاثِ بِأَمْرِ النِّسَاءِ وَالِاغْتِفَالِ بِأَمْرِ شَأْنِهِنَّ، وَكُنَّ عِنْدَهُمْ أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُنَّ أَمْرٌ أَوْ حَقٌّ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 490
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست