responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 460
إِبَاحَةَ الرَّجْعَةِ مَعْقُودَةٌ بِشَرِيطَةِ إِرَادَةِ الْإِصْلَاحِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ إِذَا رَاجَعَهَا مُضَارًّا فِي الرَّجْعَةِ، مُرِيدًا لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا أَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا [1] قَالُوا: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَإِنْ قَصَدَ الضَّرَرَ، لِأَنَّ الْمُرَاجَعَةَ لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً إِذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الضِّرَارِ لِمَا كَانَ ظَالِمًا بِفِعْلِهَا.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فِي الْإِصْلَاحِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: إِصْلَاحُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَسَادِ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي: الْقِيَامُ لِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مِنَ الْحَقِّ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالُوا: وَيَسْتَغْنِي الزَّوْجُ فِي الْمُرَاجَعَةِ عَنِ الْوَلِيِّ، وَعَنْ رِضَاهَا، وَعَنْ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ، وَعَنِ الْإِشْهَادِ عَلَى الرَّجْعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيَسْقُطُ بِالرَّجْعَةِ بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ، وَيَحِلُّ جِمَاعُهَا فِي الْحَالِ، وَيَحْتَاجُ فِي إِثْبَاتِ هَذَا كُلِّهِ إِلَى دَلِيلٍ وَاضِحٍ مِنَ الشَّرْعِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمَرْأَةَ بِالطَّلَاقِ تَنْفَصِلُ مِنَ الرَّجُلِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ تَعُودَ إِلَيْهِ. إِلَّا بِنِكَاحٍ ثَانٍ، ثُمَّ إِذَا طَلَّقَهَا وَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَإِمَّا أَنْ يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ عِدَّتِهَا، أَوْ لَا يَبْقَى. إِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عِدَّتِهَا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا دُونَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ إِنْ أَرَادَ الْإِصْلَاحَ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ غَيْرَ الْإِصْلَاحِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا اسْتَوَى هُوَ وَغَيْرُهُ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ طُلِّقَتْ وَهِيَ بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ فَيَرُدَّهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شُرُوطِ النِّكَاحِ، فَيَحْتَاجُ إِثْبَاتُ هَذَا الْحُكْمِ إِلَى دَلِيلٍ وَاضِحٍ كَمَا قُلْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ دَلِيلٌ وَاضِحٌ مِنْ نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، قُلْنَا بِهِ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْنَا بِأَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ عَلَى مَا وَصَفُوا، وَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِيَّاتِ الْفِقْهِ الَّتِي لَا يَسُوغُ النِّزَاعُ فِيهَا، وَأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ.
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ هَذَا مِنْ بَدِيعِ الْكَلَامِ، إِذْ حَذَفَ شَيْئًا مِنَ الْأَوَّلِ أَثْبَتَ نَظِيرَهُ فِي الْآخَرِ، وَأَثْبَتَ شَيْئًا فِي الْأَوَّلِ حَذَفَ نَظِيرَهُ فِي الْآخَرِ، وَأَصْلُ التَّرْكِيبِ وَلَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ مِثْلُ الَّذِي لِأَزْوَاجِهِنَّ عَلَيْهِنَّ، فَحُذِفَتْ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ لِإِثْبَاتِ: عَلَيْهِنَّ، وَحُذِفَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِإِثْبَاتِ لَهُنَّ.
وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمِثْلِيَّةِ، فَقِيلَ: الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمُوَافَقَةِ وَالطَّوَاعِيَةِ، وَقَالَ مَعْنَاهُ الضَّحَّاكُ وَقِيلَ: الْمُمَاثَلَةُ فِي التَّزَيُّنِ وَالتَّصَنُّعِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي لِهَذِهِ الْآيَةِ وَقِيلَ: الْمُمَاثَلَةُ فِي تَقْوَى اللَّهِ فِيهِنَّ، كما عليهنّ

[1] سورة البقرة: 2/ 231.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 460
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست