responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 453
وَالْمُطَلَّقاتُ مبتدأ ويَتَرَبَّصْنَ خَبَرٌ عَنِ الْمُبْتَدَأِ، وَصُورَتُهُ صُورَةُ الْخَبَرِ، وَهُوَ أَمْرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَقِيلَ: هُوَ أَمْرٌ لَفْظًا وَمَعْنًى عَلَى إِضْمَارِ اللَّامِ أَيْ: لِيَتَرَبَّصْنَ، وَهَذَا عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ، وَقِيلَ: وَالْمُطَلَّقَاتُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ: وَحُكْمُ الْمُطَلَّقَاتِ وَيَتَرَبَّصْنَ عَلَى حَذْفِ: أَنْ، حَتَّى يَصِحَّ خَبَرًا عَنْ ذَلِكَ الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ، التَّقْدِيرُ: وَحُكْمُ الْمُطَلَّقَاتِ أَنْ يَتَرَبَّصْنَ، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، بَعْدَ أَنْ قَالَ: هُوَ خَبَرٌ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ، قَالَ: فَإِخْرَاجُ الْأَمْرِ فِي صُورَةِ الْخَبَرِ تَأْكِيدُ الْأَمْرِ وَإِشْعَارٌ بِأَنَّهُ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُتَلَقَّى بِالْمُسَارَعَةِ إِلَى امْتِثَالِهِ، فَكَأَنَّهُنَّ امْتَثَلْنَ الْأَمْرَ بِالتَّرَبُّصِ، فَهُوَ يُخْبِرُ عَنْهُ، مَوْجُودًا، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُمْ فِي الدُّعَاءِ: رَحِمَهُ اللَّهُ، أُخْرِجَ فِي صُورَةِ الْخَبَرِ عَنِ اللَّهِ ثِقَةً بِالِاسْتِجَابَةِ، كَأَنَّمَا وُجِدَتِ الرَّحْمَةُ فَهُوَ يُخْبِرُ عَنْهَا، وَبِنَاؤُهُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ مِمَّا زَادَ فَضْلُ تَأْكِيدٍ، وَلَوْ قِيلَ: وَيَتَرَبَّصْنَ الْمُطَلَّقَاتُ، لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْوِكَادَةِ. انْتَهَى.
وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْجُمْلَةُ الِابْتِدَائِيَّةُ فِيهَا زِيَادَةُ تَوْكِيدٍ عَلَى جُمْلَةِ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ لِتَكْرَارِ الِاسْمِ فِيهَا مَرَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا بِظُهُورِهِ، وَالْأُخْرَى بِإِضْمَارِهِ، وَجُمْلَةُ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ يُذْكَرُ فِيهَا الِاسْمُ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَقَالَ فِي (رِيِّ الظَّمْآنِ) زِيدَ فِعْلٌ يُسْتَعْمَلُ فِي أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَخْصِيصُ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِذِكْرِ الْأَمْرِ، كَقَوْلِهِمْ: أَنَا كَتَبْتُ فِي الْمُهِمِّ الْفُلَانِيِّ إِلَى السُّلْطَانِ، وَالْمُرَادُ دَعْوَى الِانْفِرَادِ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ الْمَقْصُودُ ذَلِكَ، بَلِ الْمَقْصُودُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ بِحَدِيثٍ آكَدُ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ الْفِعْلِ لَهُ، كَقَوْلِهِمْ: هُوَ يُعْطِي الْجَزِيلَ، لَا يُرِيدُ الْحَصْرَ، بَلِ الْمُرَادُ أَنْ يُحَقِّقَ عِنْدَ السَّامِعِ أَنَّ إِعْطَاءَ الْجَزِيلِ دَأْبُهُ.
وَمَعْنَى يَتَرَبَّصْنَ: يَنْتَظِرْنَ وَلَا يُقْدِمْنَ عَلَى تَزَوُّجٍ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ خير عَلَى بَابِهِ، وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ حُكْمِ الشَّرْعِ، فَإِنْ وَجَدْتَ مُطَلَّقَةً لَا تَتَرَبَّصُ فَلَيْسَ مِنَ الشَّرْعِ، قِيلَ: وَحَمْلُهُ عَلَى الْخَبَرِ هُوَ الْأَوْلَى، لِأَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ فَقَدْ يُمْتَثَلُ، وَقَدْ لَا يُمْتَثَلُ، وَلِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَعَزْمٍ. وَتَرَبَّصَ مُتَّعَدٍ، إِذْ مَعْنَاهُ: انْتَظَرَ، وَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ مَحْذُوفًا مَفْعُولُهُ، وَمُثْبَتًا، فَمِنَ الْمَحْذُوفِ هَذَا، وَقَدَّرُوهُ: بِتَرَبُّصِ التَّزْوِيجِ، أَوِ الْأَزْوَاجِ، وَمِنَ الْمُثْبَتِ قَوْلُهُ: قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ [1] نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ [2] .

[1] سورة التوبة: 9/ 52.
[2] سورة الطور: 52/ 30.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 453
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست