responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 45
فِيكُمْ رَسُولًا، وَيَكُونُ تَشْبِيهُ الْهِدَايَةِ بِالْإِرْسَالِ فِي التَّحَقُّقِ وَالثُّبُوتِ، أَيِ اهْتِدَاءً ثَابِتًا متحققا، كتحقق إِرْسَالِنَا فِيكُمْ رَسُولًا، وَيَكُونُ تَشْبِيهُ الْهِدَايَةِ بِالْإِرْسَالِ فِي التَّحَقُّقِ وَالثُّبُوتِ، أَيِ اهْتِدَاءً ثَابِتًا مُتَحَقِّقًا، كَتَحَقُّقِ إِرْسَالِنَا وَثُبُوتِهِ. وَقِيلَ: مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً، أَيْ جَعْلًا مِثْلَ مَا أَرْسَلْنَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا، لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ الْمُؤْذِنِ بِالِانْقِطَاعِ. وَقِيلَ: الْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ نِعْمَتِي، أَيْ: وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ مُشَبِّهَةً إِرْسَالَنَا فِيكُمْ رَسُولًا، أَيْ مُشَبِّهَةً نِعْمَةَ الْإِرْسَالِ، فَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ. وَقِيلَ: الْكَافُ مُنْقَطِعَةٌ مِنَ الْكَلَامِ قَبْلَهَا، وَمُتَعَلِّقَةٌ بِالْكَلَامِ بَعْدَهَا، وَالتَّقْدِيرُ: قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كَمَا ذَكَرْتُكُمْ بِإِرْسَالِ الرَّسُولِ، فَاذْكُرُونِي بِالطَّاعَةِ أَذْكُرْكُمْ بِالثَّوَابِ. انْتَهَى.
فَيَكُونُ عَلَى تَقْدِيرِ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيِ اذْكُرُونِي ذِكْرًا مِثْلَ ذِكْرِنَا لَكُمْ بِالْإِرْسَالِ، ثُمَّ صَارَ مِثْلَ ذِكْرِ إِرْسَالِنَا، ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ. وَهَذَا كَمَا تَقُولُ: كَمَا أَتَاكَ فُلَانٌ فَائْتِهِ بِكَرَمِكَ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَخْفَشِ وَالزَّجَّاجِ وَابْنِ كَيْسَانَ وَالْأَصَمِّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّكُمْ كُنْتُمْ عَلَى حَالَةٍ لَا تَقْرَءُونَ كِتَابًا، وَلَا تَعْرِفُونَ رَسُولًا، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْكُمْ، أَتَاكُمْ بِأَعْجَبِ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ فَقَالَ: «كَمَا أَوْلَيْتُكُمْ هَذِهِ النِّعْمَةَ وَجَعَلْتُهَا لَكُمْ دَلِيلًا، فَاذْكُرُونِي بِالشُّكْرِ، أَذْكُرْكُمْ بِرَحْمَتِي» ، وَيُؤَكِّدُهُ: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ [1] . وَيُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، بَلْ يَظْهَرُ، وَهُوَ إِذَا عَلِقَتْ بِمَا بَعْدَهَا أَنْ، لَا تَكُونُ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ بَلْ لِلتَّعْلِيلِ، وَهُوَ مَعْنًى مَقُولٌ فِيهَا إِنَّهَا تُرَدُّ لَهُ وَحُمِلَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ [2] ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَا تَشْتُمُ النَّاسَ كَمَا لَا تُشْتَمُ أَيْ: وَاذْكُرُوهُ لِهِدَايَتِهِ إِيَّاكُمْ، وَلَا تَشْتُمِ النَّاسَ لِكَوْنِكَ لَا تُشْتَمُ، أَيِ امْتَنِعْ مِنْ شَتْمِ النَّاسِ لِامْتِنَاعِ النَّاسِ مِنْ شَتْمِكَ. وَمَا: فِي كَمَا، مَصْدَرِيَّةٌ، وَأَبْعَدَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَرَسُولًا بَدَلٌ مِنْهُ، وَالتَّقْدِيرُ: كَالَّذِي أَرْسَلْنَاهُ رَسُولًا، إِذْ يَبْعُدُ تَقْرِيرُ هَذَا التَّقْدِيرِ مَعَ الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَمَعَ الْكَلَامِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَفِيهِ وُقُوعُ مَا عَلَى آحَادِ مَنْ يَعْقِلُ. وَكَذَلِكَ جَعَلَ مَا كَافَّةً، لِأَنَّهُ لَا يذهب إلى ذلك إلا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْسَبِكَ مِنْهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا مَصْدَرٌ، لِوِلَايَتِهَا الْجُمَلَ الِاسْمِيَّةَ، نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

[1] سورة آل عمران: 3/ 164.
[2] سورة البقرة: 2/ 198.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست