responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 443
لِلْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ، وَجَاءَتَا عَلَى تَرْتِيبِ مَا سَبَقَ مِنْ تَقْدِيمِ السَّمْعِ عَلَى الْعِلْمِ، كَمَا قَدَّمَ الْحَلِفَ عَلَى الْإِرَادَةِ.
لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا ظَاهِرَةٌ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَهَى عَنْ جَعْلِ اللَّهِ مُعَرَّضًا لِلْأَيْمَانِ، كَانَ ذَلِكَ حَتْمًا لِتَرْكِ الْأَيْمَانِ وَهُمْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ لَهُمْ بِالْأَيْمَانِ، فَذَكَرَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا لَغْوًا فَهُوَ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُقْصَدُ بِهِ حَقِيقَةُ الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ عِنْدَ الْمُحَاوَرَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ اللَّغْوُ، لِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ مُقَابَلَةَ مَا كَسَبَهُ القلب وهو ماله فِيهِ اعْتِمَادٌ وَقَصْدٌ.
وَاخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَفْسِيرِ لَغْوِ الْيَمِينِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالسُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ، وَمَالِكٌ فِي أَشْهَرِ قَوْلَيْهِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ الْحَلِفُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، فَيَكْشِفُ الْغَيْبُ خِلَافَ ذَلِكَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ، وَابْنُ عباس أيضا، وطاووس، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَالشَّافِعِيُّ: هُوَ مَا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ فِي دَرَجِ الْكَلَامِ وَالِاسْتِعْجَالِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلْيَمِينِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَا الزُّبَيْرِ عَبْدُ اللَّهِ وَعُرْوَةُ: هُوَ الْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: لَا يَفْعَلُ وَيُكَفِّرُ، وَبَاقِيهِمْ قَالُوا: لَا يَفْعَلُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا.
وعلي، وطاووس: هُوَ الْحَلِفُ فِي حَالِ الْغَضَبِ
. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: هُوَ الْحَلِفُ عَلَى شَيْءٍ يَنْسَاهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَالضَّحَّاكُ: هُوَ مَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ إِذَا كُفِّرَتْ سَقَطَتْ، وَلَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ بِتَكْفِيرِهَا، وَالرُّجُوعِ إِلَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَقَالَ مَكْحُولٌ، وَابْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا، وَجَمَاعَةٌ: هُوَ أَنْ يُحَرِّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، كَقَوْلِهِ: مَالِي عَلَيَّ حَرَامٌ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، وَالْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَقَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَالِكٌ إِلَّا فِي الزَّوْجَةِ، فَأُلْزِمَ فِيهَا التَّحْرِيمَ إِلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا الْحَالِفُ بِقَلْبِهِ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُهُ: هُوَ دُعَاءُ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ أَعْمَى اللَّهُ بَصَرَهُ، أَذْهَبَ اللَّهُ مَالَهُ، هُوَ يَهُودِيٌّ، هُوَ مُشْرِكٌ، هُوَ لُغَيَّةٌ، إِنْ فَعَلَ كَذَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ حَلِفُ الْمُتَبَايِعَيْنِ، يَقُولُ أَحَدُهُمَا: وَاللَّهِ لَا أَبِيعُكَ بِكَذَا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: وَاللَّهِ مَا أَشْتَرِيهِ إِلَّا بِكَذَا، وَقَالَ مَسْرُوقٌ: هُوَ مَا لَا يَلْزَمُهُ الْوِقَايَةُ، وَرُوِيَ عَنْهُ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ الْحَلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَقِيلَ: هُوَ يَمِينُ الْمُكْرَهِ، حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ يَحْتَمِلُهَا لَفْظُ اللَّغْوِ، إِلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ هُوَ مَا فَسَّرْنَاهُ أَوَّلًا، لِأَنَّهُ قَابَلَهُ كَسْبُ الْقَلْبِ، وَهُوَ تَعَمُّدُهُ لِلشَّيْءِ، فَجَمِيعُ الْأَقْوَالِ غَيْرُهُ يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا كَسْبُ الْقَلْبِ، لِأَنَّ لِلْقَلْبِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 443
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست