responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 432
وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمَجْرُورَ فِي: مُلَاقُوهُ، عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ: مُلَاقُو جَزَائِهِ عَلَى أَفْعَالِكُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي لِقَوْلِهِ: وَقَدِّمُوا، أَيْ: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُو مَا قَدَّمْتُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْضًا، أَيْ: مُلَاقُو جَزَائِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْجَزَاءِ الدَّالِّ عَلَيْهِ مَعْمُولُ قَدَّمُوا الْمَحْذُوفُ، وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ يُنْكِرُ الْبَعْثَ وَالْحِسَابَ وَالْمَعَادَ، سَوَاءً عَادَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ عَلَى مَعْمُولِ قَدِّمُوا، أَوْ عَلَى الْجَزَاءِ.
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ: بِحُسْنِ الْعَاقِبَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى وَصْفِ الَّذِي بِهِ يُتَّقَى اللَّهُ وَيُقَدِّمُ الْخَيْرَ، وَيَسْتَحِقُّ التَّبْشِيرَ، وَهُوَ الْإِيمَانُ. وَفِي أَمْرِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِالتَّبْشِيرِ تَأْنِيسٌ عَظِيمٌ وَوَعْدٌ كَرِيمٌ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ، وَلَمْ يَأْتِ بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ، بَلْ أَتَى بِالظَّاهِرِ الدَّالِّ عَلَى الْوَصْفِ، وَلِكَوْنِهِ مَعَ ذَلِكَ فَصْلَ آيَةٍ.
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الشَّرِيفَةُ إِخْبَارَ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، فَوَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ تَعَالَى، وَأَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يُخْبِرَ مَنْ سَأَلَهُ عَنْهُمَا بِأَنَّهُمَا قَدِ اشْتَمَلَا عَلَى إِثْمٍ كَبِيرٍ، فَكَانَ هَذَا الْإِخْبَارُ مَدْعَاةً لِتَرْكِهِمَا، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْصُلُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَاللَّعِبِ بِالْمَيْسِرِ إِثْمٌ، وَمَا اكْتَفَى بِمُطْلَقِ الْإِثْمِ حَتَّى وَصَفَهُ بِالْكِبَرِ فِي قِرَاءَةٍ، وَبِالْكَثْرَةِ فِي قِرَاءَةٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْمُحَرَّمَاتِ: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ [1] إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً [2] فَحَيْثُ وَصَفَ الْإِثْمَ بِالْكَبِيرِ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْآثَامِ وَأَوْغَلِهَا فِي التَّحْرِيمِ، وَأَخْبَرَ أَيْضًا أَنَّ فِيهِمَا مَنَافِعَ لِلنَّاسِ، مِنْ: أَخْذِ الْأَمْوَالِ بِالتِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ، وَبِالْقَمْرِ فِي الْمَيْسِرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ مَا مِنْ شَيْءِ حُرِّمَ إِلَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِوَجْهٍ مَا، خُصُوصًا مَا كَانَ الطَّبْعُ مَائِلًا إِلَيْهِ، أَوْ كَانَ الشَّخْصُ نَاشِئًا عَلَيْهِ بِالطَّبْعِ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ ضَرَرَ الْإِثْمِ الَّذِي هُوَ جَالِبٌ إِلَى النَّارِ، أَعْظَمُ مِنَ النَّفْعِ الْمُنْقَضِي بِانْقِضَاءِ وَقْتِهِ، لِيُرْشِدَ الْعَاقِلَ إِلَى تَجَنُّبِ مَا عَذَابُهُ دَائِمٌ وَنَفْعُهُ زَائِلٌ.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي يُنْفِقُونَهُ؟ فَأُجِيبُوا بِأَنْ يُنْفِقُوا مَا سَهُلَ عَلَيْهِمْ إنفاقه، ويشير مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [3] ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يُبَيِّنُ لِلْمُؤْمِنِينَ الْآيَاتِ بَيَانًا مِثْلَ مَا بَيَّنَ فِي أَمْرِ الْخَمْرِ، وَالْمَيْسِرِ، وَمَا يُنْفِقُونَ. ثُمَّ ذكر أنه بهذا

[1] سورة الشورى: 42/ 37 والنجم: 53/ 32.
[2] سورة النساء: 4/ 31.
[3] سورة الحج: 22/ 78.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست