responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 429
عَلَى أَيِّ شِقٍّ، وَقَائِمَةً وَمُضْطَجِعَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَذَلِكَ فِي مَكَانِ الْحَرْثِ، أَوْ: بِمَعْنَى مَتَى؟ قَالَهُ الضَّحَّاكُ، فَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ ظَرْفُ زَمَانٍ. وَيَكُونُ الْمَعْنَى: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ فِي أَيِّ زَمَانٍ أَرَدْتُمْ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّى، بِمَعْنَى أَيْ، وَالْمَعْنَى عَلَى أَيِّ صِفَةٍ شِئْتُمْ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا تَخْيِيرًا فِي الْخِلَالِ وَالْهَيْئَةِ، أَيْ: أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالْحَيْضَةَ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا مُفَسَّرًا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ذَلِكَ لَا يُبَالَى بِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ» .
وَالصِّمَامُ رَأَسُ الْقَارُورَةِ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: أَنَّى، بِمَعْنَى: أَيْنَ؟ فَجَعَلَهَا مَكَانًا، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ إِبَاحَةُ ذَلِكَ: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَالِكٌ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي الْعُتَبِيَّةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَكْفِيرُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنْكَارُهُ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِنْكَارُ ذَلِكَ، وَسُئِلَ فَقِيلَ: يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُبِيحُ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ وَأَنَّى يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الْبَذْرِ؟ وَنُقِلَ مِثْلُ هَذَا عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ،
وَنُقِلَ جَوَازُ ذَلِكَ عَنْ: نَافِعٍ، وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ
، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُرْتَضَى مِنْ أَئِمَّةِ الشِّيعَةِ، وَذُكِرَ فِي (الْمُنْتَخَبِ) مَا اسْتُدِلَّ بِهِ لهذا المذهب وما ورد بِهِ، فَيُطَالَعُ هُنَاكَ، إِذْ كِتَابُنَا هَذَا لَيْسَ مَوْضُوعًا لِذِكْرِ دَلَائِلِ الْفِقْهِ إِلَّا بِمِقْدَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآيَةِ.
وَقَدْ رَوَى تَحْرِيمَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَا عَشَرَ صَحَابِيًّا بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ، ذَكَرَهَا أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ جَمَعَهَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ بِطُرُقِهَا فِي جُزْءٍ سَمَّاهُ (تَحْرِيمُ الْمَحَلِّ الْمَكْرُوهِ) .
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُعَرِّجَ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ عَلَى زَلَّةِ عَالِمٍ، وَقَالَ أَيْضًا: أَنَّى شِئْتُمْ، مَعْنَاهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ: صَحَابَةٍ، وَتَابِعِينَ، وَأَئِمَّةٍ: مِنْ أَيِّ وَجْهٍ شِئْتُمْ، مَعْنَاهُ: مُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً عَلَى جنب، وأنّى: إِنَّمَا يَجِيءُ سُؤَالًا وَإِخْبَارًا عَلَى أَمْرٍ لَهُ جِهَاتٌ، فَهِيَ أَعَمُّ فِي اللُّغَةِ مِنْ: كَيْفَ، وَمِنْ: أَيْنَ، وَمِنْ: مَتَى. هَذَا هُوَ الِاسْتِعْمَالُ الْعَرَبِيُّ.
وَقَدْ فَسَّرَ النَّاسُ أَنَّى فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَفَسَّرَهَا سِيبَوَيْهِ بِكَيْفَ، وَمِنْ أَيْنَ بِاجْتِمَاعِهِمَا؟ وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: أَنَّى، لِتَعْمِيمِ الْأَحْوَالِ، وَقَدْ تَأْتِي: أَنَّى، بِمَعْنَى: مَتَى، وَبِمَعْنَى:
أَيْنَ، وَتَكُونُ اسْتِفْهَامًا وَشَرْطًا، وَجَعَلُوهَا فِي الشَّرْطِيَّةِ ظَرْفَ مَكَانٍ فَقَطْ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 429
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست