responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 420
وَ: إِلَى، مُتَعَلِّقٌ بِيَدْعُونَ كقوله: وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ [1] وَيَتَعَدَّى أَيْضًا بِاللَّامِ، كَقَوْلِهِ.
دَعَوْتُ لِمَا نَابَنِي مِسْوَرًا وَمَفْعُولُ يَدْعُونَ مَحْذُوفٌ: إِمَّا اقْتِصَارًا إِذِ الْمَقْصُودُ إِثْبَاتُ أَنَّ مِنْ شَأْنِهِمُ الدُّعَاءَ إِلَى النَّارِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ مَفْعُولٍ خَاصٍّ، وَإِمَّا اخْتِصَارًا، فَالْمَعْنَى: أُولَئِكَ يَدْعُونَكُمْ إِلَى النار.
وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ هَذَا مِمَّا يُؤَكِّدُ مَنْعَ مُنَاكَحَةِ الْكُفَّارِ، إِذْ ذَكَرَ قَسِيمَانِ: أَحَدُهُمَا يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَآخَرُ يجب اجتنابه، فتباين القسيمان، وَلَا يُمْكِنُ إِجَابَةُ دُعَاءِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ إِلَّا بِاجْتِنَابِ دُعَاءِ الْكُفَّارِ وَتَرْكِهِمْ رَأْسًا، وَدُعَاءُ اللَّهِ إِلَى اتِّبَاعِ دِينِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَعَبَّرَ بِالْمُسَبَّبِ عَنِ السَّبَبِ لِتَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ.
وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْإِخْبَارُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ هُوَ تَعَالَى يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
يَعْنِي: وَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَدْعُونَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَمَا يُوَصِّلُ إِلَيْهِمَا، فَهُمُ الَّذِينَ تَجِبُ مُوَالَاتُهُمْ وَمُصَاهَرَتُهُمْ، وَأَنْ يُؤْثَرُوا عَلَى غَيْرِهِمْ. انْتَهَى. وَحَامِلُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ طَلَبُ الْمُعَادَلَةِ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّعَاءِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ عَنْ مَنْ أَشْرَكَ أَنَّهُ يَدْعُو إِلَى النَّارِ، جَعَلَ مَنْ آمَنَ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ، بَلْ إِجْرَاءُ اللفظ على ظاهره من نِسْبَةِ الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى هُوَ آكَدُ فِي التَّبَاعُدِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، حَيْثُ جَعَلَ مُوجِدَ الْعَالَمِ مُنَافِيًا لَهُمْ فِي الدُّعَاءِ، فَهَذَا أَبْلَغُ مِنَ الْمُعَادَلَةِ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَالْمَغْفِرَةِ، بِالْخَفْضِ عَطْفًا عَلَى الْجَنَّةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى يَدْعُو إِلَى الْمَغْفِرَةِ، أَيْ: إِلَى سَبَبِ الْمَغْفِرَةِ، وَهِيَ التَّوْبَةُ وَالْتِزَامُ الطَّاعَاتِ، وَتَقَدَّمَ هُنَا الْجَنَّةُ عَلَى الْمَغْفِرَةِ، وَتَأَخَّرَ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ: سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ [2] وَفِي قَوْلِهِ: سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ [3] وَالْأَصْلُ فِيهِ تَقَدُّمُ الْمَغْفِرَةِ عَلَى الْجَنَّةِ، لِأَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ مُتَسَبِّبٌ عَنْ حُصُولِ الْمَغْفِرَةِ، فَفِي تِلْكَ الْآيَتَيْنِ جَاءَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَأَمَّا هُنَا، فَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْجَنَّةِ عَلَى الْمَغْفِرَةِ لِتَحَسُّنِ الْمُقَابَلَةِ، فَإِنَّ قَبْلَهُ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ فجاء وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَلِيَبْدَأَ بِمَا تَتَشَوَّفُ إِلَيْهِ النَّفْسُ حِينَ ذَكَرَ دُعَاءَ اللَّهِ، فَأَتَى بِالْأَشْرَفِ لِلْأَشْرَفِ، ثُمَّ أَتْبَعَ بِالْمَغْفِرَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّتِمَّةِ فِي الْإِحْسَانِ، وَتَهْيِئَةِ سَبَبِ دخول الجنة.

[1] سورة يونس: 10/ 25.
[2] سورة آل عمران: 3/ 133. [.....]
[3] سورة الحديد: 57/ 21.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 420
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست