responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 416
الدِّينِيَّةُ، فَنَهَى عَنْ نِكَاحِ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ هَذِهِ الْأُخُوَّةُ، وَانْدَرَجَ يَتَامَى الْكُفَّارِ فِي عُمُومِ مَنْ أَشْرَكَ.
وَمُنَاسَبَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ حُكْمُ الشُّرْبِ فِي الْخَمْرِ، وَالْأَكْلِ فِي الْمَيْسِرِ، وَذَكَرَ حُكْمَ الْمَنْكَحِ، فَكَمَا حَرَّمَ الْخَمْرَ مِنَ الْمَشْرُوبَاتِ، وَمَا يَجُرُّ إِلَيْهِ الْمَيْسِرُ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ، حَرَّمَ الْمُشْرِكَاتِ مِنَ الْمَنْكُوحَاتِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَلَا تَنْكِحُوا، بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ نَكَحَ، وَهُوَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ، وَبِمَعْنَى الْوَطْءِ بِمِلْكٍ وَغَيْرِهِ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: وَلَا تُنْكِحُوا بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ أَنْكَحَ، أَيْ: وَلَا تُنْكِحُوا أَنْفُسَكُمُ الْمُشْرِكَاتِ. وَالْمُشْرِكَاتُ هُنَا: الْكُفَّارُ فَتَدْخُلُ الْكِتَابِيَّاتُ، وَمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَقِيلَ: لَا تَدْخُلُ الْكِتَابِيَّاتُ، وَالصَّحِيحُ دخولهنّ لعبادة اليهود عزيزا، وَالنَّصَارَى عِيسَى، وَلِقَوْلِهِ: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [1] وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ قَوْلُ جُلِّ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ مُشْرِكَاتُ الْعَرَبِ، قَالَهُ قَتَادَةُ.
فَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تَدْخُلُ فِيهِنَّ الْكِتَابِيَّاتُ، يَحْتَاجُ إِلَى مُجَوِّزِ نِكَاحِهِنَّ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عُمُومٌ نُسِخَ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ عُمُومٌ خُصَّ مِنْهُ الْكِتَابِيَّاتُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي الْوَثَنِيَّاتِ وَالْمَجُوسِيَّاتِ وَالْكِتَابِيَّاتِ، وَكُلُّ مَنْ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَنِكَاحُهُنَّ حَرَامٌ.
وَالْآيَةُ مُحْكَمَةٌ عَلَى هَذَا، نَاسِخَةٌ لِآيَةِ الْمَائِدَةِ. وَآيَةُ الْمَائِدَةِ مُتَقَدِّمَةٌ فِي النُّزُولِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً فِي التِّلَاوَةِ، وَيُؤَكِّدُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي (الْمُوَطَّأِ) : وَلَا أَعْلَمُ إِشْرَاكًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ رَبَّهَا عِيسَى. وَرُوِيَ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ نَكَحَ يَهُودِيَّةً، وَأَنَّ حُذَيْفَةَ نَكَحَ نَصْرَانِيَّةً، وَأَنَّ عُمَرَ غَضِبَ عَلَيْهِمَا غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى هَمَّ أَنْ يَسْطُوَ عَلَيْهِمَا، وَتَزَوَّجَ عُثْمَانُ نَائِلَةَ بِنْتَ الْفَرَافِصَةِ، وَكَانَتْ نَصْرَانِيَّةً.
وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّاتِ، قَالَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَجَابِرٌ، وَطَلْحَةُ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وطاووس، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَعَامَّةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ، قِيلَ: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى جَوَازِ

[1] سورة يونس: 10/ 18. والنحل: 16/ 1، والروم: 30/ 40 والزمر: 39/ 67.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست