responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 405
الدُّنْيَا، وَبِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ سَأَلَ أَنْ يَنْزِلَ التَّحْرِيمُ بِالْأَمْرِ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا يَلْتَبِسُ عَلَى أَحَدٍ، فَيَكُونُ آكَدَ فِي التَّحْرِيمِ.
وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ فِيهِمَا إِثْمًا كَبِيرًا. وَمَنَافِعَ حَالَةَ الْجَوَابِ وَزَمَانَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالرَّبِيعُ: الْإِثْمُ فِيهِمَا بَعْدَ التَّحْرِيمِ، وَالْمَنْفَعَةُ فِيهِمَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْإِثْمُ فِي وَقْتٍ، وَالْمَنْفَعَةُ فِي وَقْتٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنِ الْحَالِ، وَالْإِثْمُ الَّذِي فِيهِمَا هُوَ الذَّنْبُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِقَابُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْإِثْمُ الَّذِي فِي الْخَمْرِ: ذَهَابُ الْعَقْلِ، وَالسِّبَابُ، وَالِافْتِرَاءُ، وَالتَّعَدِّي الَّذِي يَكُونُ مِنْ شَارِبِهَا، وَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي فِي الْخَمْرِ، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: مَا يَحْصُلُ مِنْهَا مِنَ الْأَرْبَاحِ وَالْأَكْسَابِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ: وَقِيلَ مَا ذَكَرَ الْأَطِبَّاءُ فِي مَنَافِعِهَا مِنْ ذَهَابِ الْهَمِّ، وَحُصُولِ الْفَرَحِ، وَهَضْمِ الطَّعَامِ، وَتَقْوِيَةِ الضَّعِيفِ، وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْبَاءَةِ، وَتَسْخِيَةِ الْبَخِيلِ، وَتَصْفِيَةِ اللَّوْنِ، وَتَشْجِيعِ الْجَبَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنَافِعِهَا. وَقَدْ صَنَّفُوا فِي ذَلِكَ مَقَالَاتٍ وَكُتُبًا، وَيُسَمُّونَهَا: الشَّرَابَ الرَّيْحَانِيَّ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَيْضًا لَهَا مَضَارَّ كَثِيرَةً مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ.
وَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي فِي الْمَيْسِرِ إِيسَارُ الْقَامِرِ بِغَيْرِ كَدٍّ وَلَا تَعَبٍ، وَقِيلَ: التَّوْسِعَةُ عَلَى الْمَحَاوِيجِ، فَإِنَّ مَنْ قَمَرَ مِنْهُمْ كَانَ لَا يَأْكُلُ مِنَ الْجَزُورِ، وَيُفَرِّقُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ. وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ هُنَا حُكْمَ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ الْعِنَبِيَّةِ، وَحَدَّ الشَّارِبِ، وَكَيْفِيَّةَ الضَّرْبِ، وَمَا يُتَوَقَّى مِنَ الْمَضْرُوبِ فَلَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: إِثْمٌ كَثِيرٌ، بِالثَّاءِ، وَوُصِفَ الْإِثْمُ بِالْكَثْرَةِ إِمَّا بِاعْتِبَارِ الْآثِمِينَ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فِيهِ للناس آثام، أي لكل وَاحِدٍ مِنْ مُتَعَاطِيهَا إِثْمٌ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى شُرْبِهَا مِنْ تَوَالِي الْعِقَابِ وَتَضْعِيفِهِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُنْعَتَ بِالْكَثْرَةِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى شُرْبِهَا مِمَّا يَصْدُرُ مِنْ شَارِبِهَا مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ الْمُحَرَّمَةِ، أو باعتبار من زوالها مِنْ لَدُنْ كَانَتْ إِلَى أن بيعت وشريت،
فَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَمْرَ، وَلَعَنَ مَعَهَا عَشَرَةً: بَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَالْمُشْتَرَاةَ لَهُ، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَالْمَعْصُورَةَ لَهُ وَسَاقِيهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ لَهُ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا.
فَنَاسَبَ وَصْفُ الْإِثْمِ بِالْكَثْرَةِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: كَبِيرٌ، بِالْبَاءِ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ وَالْقِمَارَ ذَنْبُهُمَا مِنَ الْكَبَائِرِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ النَّاسِ تَرْجِيحًا لِكُلِّ قِرَاءَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، وَهَذَا

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست