responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 382
خُمُسٍ فِي الْإِسْلَامِ، فَوَجَّهَتْ قُرَيْشٌ فِي فِدَاءِ الْأَسِيرَيْنِ فَقِيلَ: حَتَّى يَقْدَمَ سَعْدٌ وَعُتْبَةُ، وَكَانَا قَدْ أَضَلَّا بَعِيرًا لَهُمَا قَبْلَ لِقَاءِ الْعِيرِ فَخَرَجَا فِي طَلَبِهِ، فَقَدِمَا، وَفُودِيَ الْأَسِيرَانِ. فَأَمَّا الحكم فأسلم وأقام بالمدينة وَقُتِلَ شَهِيدًا بِبِئْرِ مَعُونَةَ، وأما عثمان فمات بمكة كَافِرًا، وَأَمَّا نَوْفَلٌ فَضَرَبَ بَطْنَ فَرَسِهِ يَوْمَ الْأَحْزَابِ لِيَدْخُلَ الْخَنْدَقَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَوَقَعَ بِالْخَنْدَقِ مَعَ فَرَسِهِ، فَتَحَطَّمَا وَقَتَلَهُمَا اللَّهُ.
وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ اخْتِلَافٌ فِي مواضع، وقد لخصّ السخاوندي هَذَا السَّبَبَ فَقَالَ:
نَزَلَتْ فِي أَوَّلِ سَرِيَّةِ الْإِسْلَامِ أَمِيرُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، أَغَارُوا عَلَى عِيرٍ لقريش قَافِلَةٍ مِنَ الطَّائِفِ وَقَتَلُوا عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، فَاشْتُبِهَ بِأَوَّلِ رَجَبٍ، فَعَيَّرَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ بِاسْتِحْلَالِهِ.
وَقِيلَ: نَزَلَتْ حِينَ عَابَ الْمُشْرِكُونَ الْقِتَالَ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ عَامَ الْفَتْحِ، وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي قَتْلِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ رَجُلَيْنِ مِنْ كِلَابٍ كَانَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وعمرو يَعْلَمُ بِذَلِكَ، وَكَانَ فِي أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: قَتَلَهُمَا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَنَزَلَتْ.
وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا فُرِضَ الْقِتَالُ لَمْ يُخَصَّ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ، وَكَانَ مِنَ الْعَوَائِدِ السَّابِقَةِ أَنَّ الشَّهْرَ الْحَرَامَ لَا يُسْتَبَاحُ فِيهِ الْقِتَالُ، فَبَيَّنَ حُكْمَ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ.
وَسَيَأْتِي مَعْنَى قوله قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ كَمَا جَاءَ: وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ [1] وَجَاءَ بَعْدَهُ: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [2] ذَلِكَ التَّخْصِيصُ فِي الْمَكَانِ، وَهَذَا فِي الزَّمَانِ.
وَضَمِيرُ الْفَاعِلِ فِي يَسْأَلُونَكَ، قِيلَ: يَعُودُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، سَأَلُوا تَعْيِيبًا لِهَتْكِ حُرْمَةِ الشُّهَدَاءِ، وَقَصْدًا لِلْفَتْكِ، وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، سَأَلُوا اسْتِعْظَامًا لِمَا صَدَرَ مِنَ ابْنِ جَحْشٍ وَاسْتِيضَاحًا لِلْحُكْمِ.
وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ، هُنَا هُوَ رَجَبٌ بِلَا خِلَافٍ، هَكَذَا قَالُوا، وَذَلِكَ عَلَى أَنْ تكون الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ، فَيُرَادُ بِهِ الْأَشْهَرُ الْحَرَامُ وَهِيَ: ذُو الْقِعْدَةِ، ذو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ. وَسُمِّيَتْ حُرُمًا لِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهَا، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي قَوْلِهِ: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ [3] .

[1] سورة البقرة: 2/ 191 والنساء: 4/ 91.
[2] سورة البقرة: 2/ 191.
[3] سُورَةِ الْبَقَرَةِ: 2/ 194.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست