responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 372
كَلَامٍ، وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِفْهَامٍ لَكِنَّهُ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ، وَهِيَ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَطِيَّةَ:
بِأَنَّ أَمْ قَدْ تَجِيءُ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَقْسِيمٌ وَلَا مُعَادَلَةٌ، أَلِفَ استفهام.
فقوله: قَدْ تَجِيءُ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ، لِأَنَّهَا تَتَقَدَّرُ، بِبَلْ وَالْهَمْزَةِ، فَكَمَا أَنَّ:
بَلْ، لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا كَلَامٌ حَتَّى يَصِيرَ فِي حَيِّزِ عَطْفِ الْجُمَلِ، فَكَذَلِكَ مَا تَضَمَّنَ مَعْنَاهُ.
وَزَعَمَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ أَنَّهَا تَأْتِي بِمَنْزِلَةِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ، وَيُبْتَدَأُ بِهَا، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: أَحَسِبْتُمْ؟ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: بِمَعْنَى بَلْ، قَالَ:
بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى ... وَصَوَّرْتَهَا، أَمْ أَنْتَ فِي الْعَيْنِ أَمْلَحُ؟
وَرَامَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنْ يَجْعَلَهَا مُتَّصِلَةً، وَيَجْعَلَ قَبْلَهَا جُمْلَةً مُقَدَّرَةً تَصِيرُ بِتَقْدِيرِهَا أَمْ مُتَّصِلَةً، فَتَقْدِيرُ الْآيَةِ: فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَصَبَرُوا عَلَى اسْتِهْزَاءِ قَوْمِهِمْ بِهِمْ، أَفَتَسْلُكُونَ سَبِيلَهُمْ؟ أَمْ تَحْسَبُونَ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ مِنْ غَيْرِ سُلُوكِ سَبِيلِهِمْ؟
فَتَلَخَّصَ فِي أَمْ هُنَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الِانْقِطَاعُ عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى بَلْ وَالْهَمْزَةِ، وَالِاتِّصَالُ:
عَلَى إِضْمَارِ جُمْلَةٍ قَبْلَهَا، وَالِاسْتِفْهَامُ بِمَعْنَى الْهَمْزَةِ، وَالْإِضْرَابُ بِمَعْنَى بَلْ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.
وَمَفْعُولَا: حَسِبْتُمْ، سَدَّتْ أَنَّ مَسَدَّهُمَا عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَأَمَّا أَبُو الْحَسَنِ فَسَدَّتْ عِنْدَهُ مَسَدَّ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ:
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ [1] .
وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ الْجُمْلَةُ حَالٌ، التَّقْدِيرُ: غَيْرُ آتِيكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ، أَيْ: إِنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى ابْتِلَاءِ شَدَائِدَ، وَصَبْرٍ عَلَى مَا يُنَالُ مِنْ أَذَى الْكُفَّارِ، وَالْفَقْرِ وَالْمُجَاهَدَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِيمَانِ فَقَطْ بَلْ، سَبِيلُكُمْ فِي ذَلِكَ سَبِيلُ مَنْ تَقَدَّمَكُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ. خَاطَبَ بِذَلِكَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، مُلْتَفِتًا إِلَيْهِمْ عَلَى سَبِيلِ التَّشْجِيعِ وَالثَّبِيتِ لَهُمْ، وَإِعْلَامًا لَهُمْ أنه لا يضركون أَعْدَائِكُمْ لَا يُوَافِقُونَ، فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْأُمَمُ عَلَى أَنْبِيَائِهَا، وَصَبَرُوا، حَتَّى أَتَاهُمُ النَّصْرُ.

[1] سورة البقرة: 2/ 46. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست