responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 368
دَيْمُومَةُ الِاخْتِلَافِ إِذَا فَسَّرْنَا: أُوتُوهُ: بِأُوتُوا الْكِتَابَ، فَهَذَا الِاخْتِلَافُ يَكُونُ بَعْدَ إِيتَاءِ الْكِتَابِ، وَقِيلَ: بِجُحُودِ مَا فِيهِ، وَقِيلَ: بِتَحْرِيفِهِ.
وَفِي قَوْلِهِ: بَغْيًا، إِشَارَةٌ إِلَى حَصْرِ الْعِلَّةِ، فَيَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الِاخْتِلَافَ بَعْدَ إِنْزَالِ الْكِتَابِ كَانَ ليزل بِهِ الِاخْتِلَافُ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ.
وَفِي قَوْلِهِ: الْبَيِّنَاتُ: دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الدَّلَائِلَ الْعَقْلِيَّةَ الْمُرَكَّبَةَ فِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ، وَالدَّلَائِلَ السَّمْعِيَّةَ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْكِتَابِ قَدْ حَصَلَا، وَلَا عُذْرَ فِي الْعُدُولِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْحَقِّ لَكِنْ عَارَضَ هَذَا الدَّلِيلَ الْقَطْعِيَّ مَا رُكِّبَ فِيهِمْ مِنَ الْبَغْيِ وَالْحَسَدِ وَالْحِرْصِ على الاستيثار بالدنيا.
إلّا الَّذِينَ أُوتُوهُ، اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ، وهو فاعل اختلف، و: مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ، مُتَعَلِّقٌ بِاخْتَلَفَ، وَبَغْيًا مَنْصُوبٌ بِاخْتَلَفَ، هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ، قَالَ: وَلَا يُمْنَعُ إِلَّا مِنْ ذَلِكَ، كَمَا تَقُولُ: مَا قَامَ زَيْدٌ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، والمفرغ فِي الْفَاعِلِ، وَفِي الْمَجْرُورِ، وَفِي الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ، إِذِ الْمَعْنَى: وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ إِلَّا بَغْيًا بَيْنَهُمْ. فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ مَحْصُورٌ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَارَتْ أَدَاةُ الِاسْتِفْهَامِ مُسْتَثْنَى بِهَا، شَيْئَانِ دُونَ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا جَازَ مَعَ الْعَطْفِ لِأَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ يَنْوِي بَعْدَهَا إِلَّا، فَصَارَتْ كَالْمَلْفُوظِ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ مَا يُوهِمُ ذَلِكَ جُعِلَ عَلَى إِضْمَارِ عَامِلٍ، وَلِذَلِكَ تَأَوَّلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ [1] على إضمار فعل التقدير: أَرْسَلْنَاهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ، وَلَمْ يَجْعَلُوا بِالْبَيِّنَاتِ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: وَمَا أَرْسَلْنَا، لِئَلَّا يَكُونَ: إِلَّا، قَدِ اسْتُثْنِيَ بِهَا شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا رِجَالًا، وَالْآخَرُ:
بِالْبَيِّنَاتِ، مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ.
وَقَدْ مَنَعَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَبُو عَلِيٍّ: مَا أَخَذَ أَحَدٌ إِلَّا زَيْدٌ دِرْهَمًا، وَمَا: ضَرَبَ الْقَوْمُ إِلَّا بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَاخْتَلَفَا فِي تَصْحِيحِهَا، فَصَحَّحَهَا أَبُو الْحَسَنِ بِأَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْمَرْفُوعِ الَّذِي بَعْدَهَا، فَيَقُولُ: مَا أَخَذَ أَحَدٌ زَيْدٌ إِلَّا دِرْهَمًا، فَيَكُونُ: زَيْدٌ، بَدَلًا مِنْ أَحَدٍ، وَيَكُونُ: إِلَّا، قد

[1] سورة النحل: 16/ 43 و 44.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 368
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست