responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 352
الْكُوفِيِّينَ، فَيُغْنِي عَنِ الرَّبْطِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ الضَّمِيرِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ مَحْذُوفًا لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ، التَّقْدِيرُ: يُعَاقِبُهُ.
قَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ فِي كِتَابِ (دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ) : تَرْكُ هَذَا الْإِضْمَارِ أَوْلَى، يَعْنِي بِالْإِضْمَارِ شَدِيدَ الْعِقَابِ لَهُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْآيَةِ التَّخْوِيفُ لِكَوْنِهِ فِي ذَلِكَ مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ، مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى كَوْنِهِ شَدِيدَ الْعِقَابِ. لِهَذَا، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْعَذَابُ عِقَابًا، لِأَنَّهُ يَعْقُبُ الْجُرْمَ.
وَذَكَرَ بَعْضُ مَنْ جَمَعَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ مُؤَخَّرَةٌ فِي التِّلَاوَةِ، مُقَدَّمَةٌ فِي الْمَعْنَى، وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَالتَّقْدِيرُ: فَإِنْ زَلَلْتُمْ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ: سَلْ يَا مُحَمَّدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ فَمَا اعْتَبَرُوا وَلَا أَذْعَنُوا إِلَيْهَا، هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ؟ أَيْ: أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ. انْتَهَى.
وَلَا حَاجَةَ إِلَى ادِّعَاءِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، بَلْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى تَرَتُّبِهَا أَخَذَ بَعْضُهَا بِعُنُقِ بَعْضٍ، مُتَلَاحِمَةُ التَّرْكِيبِ، وَاقِعَةٌ مَوَاقِعَهَا، فَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أُخْبِرُوا أَنَّ مَنْ زَلَّ جَازَاهُ اللَّهُ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يُغَالَبُ، الْحَكِيمُ الَّذِي يَضَعُ الْأَشْيَاءَ مَوَاضِعَهَا، ثُمَّ قِيلَ: لَا يَنْتَظِرُونَ فِي إِيمَانِهِمْ إِلَّا ظُهُورَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، عِنَادًا مِنْهُمْ، فَقَدْ أَتَتْهُمُ الْآيَاتُ، ثُمَّ سَلَّى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْتِبْطَاءِ إِيمَانِهِمْ مَعَ مَا أَتَى بِهِ لَهُمْ مِنَ الْآيَاتِ، بِقَوْلِهِ: سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ فَمَا آمَنُوا بِهَا بَلْ بَدَّلُوا وَغَيَّرُوا، ثُمَّ تَوَعَّدَ مَنْ بَدَّلَ نِعْمَةَ اللَّهِ بِالْعِقَابِ الشَّدِيدِ، فَأَنْتَ تَرَى هَذِهِ الْمَعَانِيَ مُتَنَاسِقَةً مُرَتَّبَةً التَّرْتِيبَ الْمُعْجِزَ، بِاللَّفْظِ الْبَلِيغِ الْمُوجَزِ، فَدَعْوَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ الْمُخْتَصِّ بِضَرُورَةِ الْأَشْعَارِ، وَبِنَظْمِ ذَوِي الِانْحِصَارِ، مُنَزَّهٌ عَنْهَا كَلَامُ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ.
زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابِهِ كَانُوا يَتَنَعَّمُونَ بِمَا بَسَطَ اللَّهُ لَهُمْ، وَيُكَذِّبُونَ بِالْمَعَادِ، وَيَسْخَرُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْفُقَرَاءِ، كَعَمَّارٍ، وَصُهَيْبٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَسَالِمٍ، وَعَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ، وَخَبَّابٍ، وَبِلَالٍ، وَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ نَبِيَّنَا لَتَبِعَهُ أَشْرَافُنَا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَأَصْحَابِهِ، كَانُوا يَتَنَعَّمُونَ وَيَسْخَرُونَ مِنْ ضُعَفَاءَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَقُولُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَغْلِبُ بِهِمْ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: فِي عُلَمَاءِ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَالنَّضِيرِ، وَقَيْنُقَاعَ، سَخِرُوا مِنْ فُقَرَاءِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 352
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست