responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 342
قاله ابن جريج، أو التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ قَالَ: وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ [1] وَقَالَ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ [2] وَهَذَا يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إن الْمُخَاطَبَ أَهْلُ الْكِتَابِ، أَوِ الْإِسْلَامُ، أَوْ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم من الْمُعْجِزَاتِ، أَقْوَالٌ سِتَّةٌ.
وَفِي (الْمُنْتَخَبِ) الْبَيِّنَاتُ: تَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ عُذْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يَزُولُ إِلَّا عِنْدَ حُصُولِ الْبَيِّنَاتِ، لَا حُصُولِ التَّبْيِينِ مِنَ التَّكْلِيفِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَالدَّلَائِلُ الْعَقْلِيَّةُ لَا يُخْبَرُ عَنْهَا بِالْمَجِيءِ لِأَنَّهَا مَرْكُوزَةٌ فِي الْعُقُولِ، فَلَا يُنْسَبُ إِلَيْهَا الْمَجِيءُ إِلَّا مَجَازًا، وَفِيهِ بُعْدٌ.
فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ أَيْ: دُومُوا عَلَى الْعِلْمِ، إِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ أَوِ الْمُنَافِقِينَ فَهُوَ أَمْرٌ لَهُمْ بِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ الْمُؤَدِّي إِلَيْهِ، وَفِي وَصْفِهِ هُنَا بِالْعِزَّةِ الَّتِي هِيَ تَتَضَمَّنُ الْغَلَبَةَ وَالْقُدْرَةَ اللَّتَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا الِانْتِقَامُ، وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِمَنْ خَالَفَهُ وَزَلَّ عَنْ مَنْهَجِ الْحَقِّ، وَفِي وَصْفِهِ بِالْحِكْمَةِ دَلَالَةٌ عَلَى إِتْقَانِ أَفْعَالِهِ: وَأَنَّ مَا يُرَتِّبُهُ مِنَ الزَّوَاجِرِ لِمَنْ خَالَفَ هُوَ مِنْ مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ، وَرُوِيَ أَنَّ قَارِئًا قَرَأَ، غَفُورٌ رَحِيمٌ، فَسَمِعَهُ أَعْرَابِيٌّ فَأَنْكَرَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا كَلَامَ اللَّهِ فَلَا يَقُولُ كَذَا الْحَكِيمُ، لَا يَذْكُرُ الْغُفْرَانَ عِنْدَ الزَّلَلِ، لِأَنَّهُ إِغْرَاءٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ كَعْبٍ نَحْوُ هَذَا، وَأَنَّ الَّذِي كَانَ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ أَقْرَأَهُ: فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، فَأَنْكَرَهُ حَتَّى سَمِعَ: عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَقَالَ: هَكَذَا يَنْبَغِي!.
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ؟ هَلْ: هُنَا لِلنَّفْيِ، الْمَعْنَى: مَا يَنْظُرُونَ، وَلِذَلِكَ دَخَلَتْ إِلَّا، وَكَوْنُهَا بِمَعْنَى النَّفْيِ إذ جَاءَ بَعْدَهَا: إِلَّا، كَثِيرُ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْقُرْآنِ، وَفِي كَلَامِ العرب، قال تعالى: وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ [3] هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ [4] وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَهَلْ أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ ... غَوَيْتُ، وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ
وَ: يَنْظُرُونَ، هُنَا مَعْنَاهُ: يَنْتَظِرُونَ، تَقُولُ الْعَرَبُ: نَظَرْتُ فُلَانًا أَنْتَظِرُهُ، وَهُوَ لَا يَتَعَدَّى لِوَاحِدٍ بِنَفْسِهِ إِلَّا بِحَرْفِ جَرٍّ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فإنكما إن تنظراني ساعة ... من الدهر تنفعي لدى أم جندب

[1] سورة البقرة: 2/ 92.
[2] سورة البقرة: 2/ 87. [.....]
[3] سورة سبأ: 34/ 17.
[4] سورة الأنعام: 6/ 47.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست