responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 34
الْمَحْسُوسُ. وَظَاهِرُ الْأَبْنَاءِ الِاخْتِصَاصُ بِالذُّكُورِ، فَيَكُونُونَ قَدْ خُصُّوا بِذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ مُبَاشَرَةً وَمُعَاشَرَةً لِلْآبَاءِ، وَأَلْصَقُ وَأَعْلَقُ بِقُلُوبِ الْآبَاءِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَبْنَاءِ: الْأَوْلَادُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ. وَكَانَ التَّشْبِيهُ بِمَعْرِفَةِ الْأَبْنَاءِ آكَدَ مِنَ التَّشْبِيهِ بِالْأَنْفُسِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَمُرُّ عَلَيْهِ بُرْهَةٌ مِنَ الزَّمَانِ لَا يَعْرِفُ فِيهَا نَفْسَهُ، بِخِلَافِ الْأَبْنَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَمُرُّ عَلَيْهِ زَمَانٌ إِلَّا وَهُوَ يَعْرِفُ ابْنَهُ.
وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ: أَيْ مِنَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ، وَهُمُ الْمُصِرُّونَ عَلَى الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ، مِنْ عُلَمَاءِ اليهود والنصارى، عَلَى أَحْسَنِ التَّفَاسِيرِ فِي الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ، وَأَبْعَدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَذَا الْفَرِيقِ جُهَّالُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ [1] ، لِلْإِخْبَارِ عَنْ هَذَا الْفَرِيقِ أَنَّهُمْ يَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ، وَلِوَصْفِ الْأُمِّيِّينَ هُنَاكَ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ.
وَالْحَقُّ الْمَكْتُومُ هُنَا هُوَ نَعْتُ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ، وَالتَّوَجُّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، أَوْ أَنَّ الْكَعْبَةَ هِيَ الْقِبْلَةُ، أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، فَيَنْدَرِجُ فِيهِ كُلُّ حَقٍّ.
وَهُمْ يَعْلَمُونَ: جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، أَيْ عَالِمَيْنِ بِأَنَّهُ حَقٌّ. وَيَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُؤَكِّدَةً، لِأَنَّ لَفْظَ يَكْتُمُونَ الْحَقَّ يَدُلُّ عَلَى عِلْمِهِ بِهِ، لِأَنَّ الْكَتْمَ هُوَ إِخْفَاءٌ لِمَا يُعْلَمُ. وَقِيلَ: مُتَعَلِّقُ الْعِلْمِ هُوَ مَا عَلَى الْكَاتِمِ مِنَ الْعِقَابِ، أَيْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْعِقَابَ الْمُرَتَّبَ عَلَى كَاتِمِ الْحَقِّ، فَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ حَالًا مُبَيِّنَةً.
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ: قَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِرَفْعِ الْحَقِّ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ هُوَ مِنْ رَبِّكَ، فَيَكُونُ الْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْحَقِّ الْمَكْتُومِ، أَيْ مَا كَتَمُوهُ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، وَيَكُونُ الْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَوْ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ. وَأَبْعَدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ:
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ يَعْرِفُونَهُ. وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْحَقِّ لِلْعَهْدِ، وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ الرَّسُولُ، أَوِ الْحَقُّ الَّذِي كَتَمُوهُ، أَوْ لِلْجِنْسِ عَلَى مَعْنَى: أَنَّ الْحَقَّ هُوَ مِنَ اللَّهِ، لَا مِنْ غَيْرِهِ، أَيْ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ حَقٌّ فَهُوَ مِنَ اللَّهِ، كَالَّذِي عَلَيْهِ الرَّسُولُ، وَمَا لَمْ تَثْبُتْ حَقِيقَتُهُ، فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ، كَالْبَاطِلِ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابِ.
وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب: الْحَقَّ بِالنَّصْبِ،
وَأُعْرِبَ بِأَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الْحَقِّ الْمَكْتُومِ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: يَكْتُمُونَ الْحَقَّ مِنْ رَبِّكَ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ أَوْ عَلَى أَنْ

[1] سورة البقرة: 2/ 78.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست