responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 313
الْجَوَابُ لِلسَّائِلِ عَنْ حَجِّهِ عَنْ أَبِيهِ: أَلَهُ فِيهِ أَجْرٌ؟ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ سَأَلَهُ أَنْ يَكْرِيَ دَابَّتَهُ وَيَشْرُطُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَحُجَّ، فَهَلْ يَجْزِي عَنْهُ؟ وَذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا.
وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ ظَاهِرُهُ الْإِخْبَارُ عَنْهُ تَعَالَى بِسُرْعَةِ حِسَابِهِ، وَسُرْعَتُهُ بانقضائه عجلا كَقَصْدِ مُدَّتِهِ، فَرُوِيَ: بِقَدَرِ حَلْبِ شَاةٍ، وَرُوِيَ بِمِقْدَارِ فَوَاقِ نَاقَةٍ، وَرُوِيَ بِمِقْدَارِ لَمْحَةِ الْبَصَرِ. أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى فِكْرٍ، ولا رؤية كَالْعَاجِزِ، قَالَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ. أَوْ: لِمَا عَلِمَ مَا لِلْمُحَاسَبِ وَمَا عَلَيْهِ قَبْلَ حِسَابِهِ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. أَوْ: لِكَوْنِ حِسَابِ الْعَالَمِ كَحِسَابِ رجل واحد أو لقرب مَجِيءِ الْحِسَابِ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ.
قيل: كُنِّيَ بِالْحِسَابِ عَنِ الْمُجَازَاةِ على الأعمال إذا كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْهَا كَقَوْلِهِ: وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسابِيَهْ يَعْنِي مَا جَزَائِي، وَقِيلَ: كُنِّيَ بِالْحِسَابِ عَنِ الْعِلْمِ بِمَجَارِي الْأُمُورِ، لِأَنَّ الْحِسَابَ يُفْضِي إِلَى الْعِلْمِ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ أَيْضًا.
وَقِيلَ: عَبَّرَ بِالْحِسَابِ عَنِ الْقَبُولِ لِدُعَاءِ عِبَادِهِ، وَقِيلَ: عَبَّرَ بِهِ عَنِ الْقُدْرَةِ وَالْوَفَاءِ، أَيْ: لَا يُؤَخِّرُ ثَوَابَ مُحْسِنٍ وَلَا عِقَابَ مُسِيءٍ. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ: سَرِيعُ مَجِيءِ يَوْمِ الْحِسَابِ. فَالْمَقْصُودُ بِالْآيَةِ الْإِنْذَارُ بِسُرْعَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: سُرْعَةِ الْحِسَابِ تَعَالَى رَحْمَتُهُ وَكَثْرَتُهَا، فَهِيَ لَا تُغَبُّ وَلَا تَنْقَطِعُ. وَرُوِيَ مَا يُقَارِبُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَظَاهِرُ سِيَاقِ هَذَا الْكَلَامِ عُمُومُ الْحِسَابِ لِلْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ إِذْ جَاءَ بَعْدَ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِلطَّائِعِينَ، وَيَكُونُ حِسَابُ الْكُفَّارِ تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَسَنَةٌ فِي الْآخِرَةِ يُجْزَى بِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسابِيَهْ [1] وَقَالَ الْجُمْهُورُ: الْكُفَّارُ لَا يُحَاسَبُونَ، قَالَ تَعَالَى:
فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً [2] وَقَدِمْنا إِلى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [3] وَظَاهِرُ ثِقَلِ الْمَوَازِينِ وَخِفَّتِهَا، وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا فِي الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ شُمُولُ الْحَسَنَاتِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، وَالْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ.
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الشَّرِيفَةُ: أَنَّ الْحَجَّ لَهُ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ، وَجَمَعَهَا عَلَى أَشْهُرٍ لِقِلَّتِهَا، وَهِيَ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحَجَّةِ. بِكَمَالِهَا، عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الجمع،

[1] سورة الحاقة: 69/ 26.
[2] سورة الكهف: 18/ 105.
[3] سورة الفرقان: 25/ 23.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست