responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 306
وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانُوا إِذَا قَضَوُا الْمَنَاسِكَ وَأَقَامُوا بِمِنًى يَقُومُ الرَّجُلُ وَيَسْأَلُ اللَّهَ فَيَقُولُ:
اللَّهُمَّ إِنَّ أَبِي كَانَ عَظِيمَ الْجَفْنَةِ، كَثِيرَ الْمَالِ فَأَعْطِنِي بِمِثْلِ ذَلِكَ! لَيْسَ يَذْكُرُ اللَّهَ، إِنَّمَا يَذْكُرُ أَبَاهُ وَيَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعْطِيَهُ فِي دُنْيَاهُ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَبُو وَائِلٍ، وَابْنُ زَيْدٍ، فَنَزَلَتْ: فَإِذَا قَضَيْتُمْ، أَيْ أَدَّيْتُمْ وَفَرَغْتُمْ. كَقَوْلِهِ: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ [1] أَيْ: أُدِّيَتْ، وَقَدْ يُعَبَّرُ بِالْقَضَاءِ عَنْ مَا يُفْعَلُ مِنَ الْعِبَادَاتِ خَارِجَ الْوَقْتِ الْمَحْدُودِ، وَالْقَضَاءُ إِذَا عُلِّقَ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ فَالْمُرَادُ مِنْهُ الْإِتْمَامُ وَالْفَرَاغُ، كَقَوْلِهِ: وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا وَإِذَا عُلِّقَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، فَالْمُرَادُ مِنْهُ الْإِلْزَامُ، كَقَوْلِهِ: قَضَى الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ الْفَرَاغُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ، كَقَوْلِكَ: إِذَا حَجَجْتَ فَطُفْ وَقِفْ بِعَرَفَةَ، فَلَا نَعْنِي بِالْقَضَاءِ الْفَرَاغَ مِنَ الْحَجِّ، بَلِ الدُّخُولَ فِيهِ، وَنَعْنِي بِالذِّكْرِ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الدُّعَاءِ بِعَرَفَاتٍ، وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: فَإِذَا شَرَعْتُمْ فِي قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ، أَيْ: فِي أَدَائِهَا فَاذْكُرُوا. وَهَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْفَرَاغُ مِنَ الْمَنَاسِكِ لَا الشُّرُوعُ فِيهَا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَجِيءُ الْفَاءِ فِي: فَإِذَا، بَعْدَ الْجُمَلِ السَّابِقَةِ.
وَالْمَنَاسِكُ هِيَ مَوَاضِعُ الْعِبَادَةِ، فَيَكُونُ هَذَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ: أَعْمَالَ مَنَاسِكِكُمْ، أَوِ الْعِبَادَاتُ نَفْسُهَا الْمَأْمُورُ بِهَا فِي الْحَجِّ، قَالَهُ الْحَسَنُ، أَوِ الذبائح وَإِرَاقَةُ الدِّمَاءِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
فَاذْكُرُوا اللَّهَ: هَذَا جَوَابُ: إذ، وَالْمَعْنَى: إِذَا فَرَغْتُمْ مِنَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَنَفَرْتُمْ مِنْ مِنًى، فَعَظِّمُوا اللَّهَ وَأَثْنُوا عَلَيْهِ إِذْ هَدَاكُمْ لِهَذِهِ الطَّاعَةِ، وَسَهَّلَهَا وَيَسَّرَهَا عَلَيْكُمْ، حَتَّى أَدَّيْتُمْ فَرْضَ رَبِّكُمْ وَتَخَلَّصْتُمْ مِنْ عُهْدَةِ هَذَا الْأَمْرِ الشَّاقِّ الصَّعْبِ الَّذِي لَا يُبْلَغُ إِلَّا بِالتَّعَبِ الْكَثِيرِ، وَانْهِمَاكِ النَّفْسِ وَالْمَالِ، وَقِيلَ: الذِّكْرُ هُنَا هُوَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَقِيلَ: هُوَ التَّكْبِيرَاتُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَقِيلَ: بَلِ الْمَقْصُودُ تَحْوِيلُهُمْ عَنْ ذِكْرِ آبَائِهِمْ إِلَى ذِكْرِهِ تَعَالَى كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ تَقَدَّمَ هَذَا هُوَ ذِكْرُ مَفَاخِرِهِمْ، أَوِ السُّؤَالُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِثْلَ مَا أَعْطَى آبَاءَهُمْ، أَوِ الْقَسَمُ بِآبَائِهِمْ، وقيل: ذكر آباءهم فِي حَالِ الصِّغَرِ، وَلَهْجُهُ بِأَبِيهِ يَقُولُ: أَبَةِ أَبَةِ، أَوَّلَ مَا يَتَكَلَّمُ. وَقِيلَ: مَعْنَى الذِّكْرِ هُنَا الْغَضَبُ لِلَّهِ كَمَا تَغْضَبُ لِوَالِدَيْكَ إِذَا سُبَّا، قَالَهُ أَبُو الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَنَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ قرأ:

[1] سورة الجمعة: 62/ 10.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست