responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 291
يَحُثُّونَ عَلَى الزَّادِ ... وَلَا زَادَ سِوَى التَّقْوَى
يَقُولُونَ لَكُمْ جِدُّوا ... فَهَذَا غَايَةُ الدُّنْيَا
وَقِيلَ: أَمَرَ بِالتَّزَوُّدِ لِسَفَرِ الْعِبَادَةِ وَالْمَعَاشِ، وَزَادُهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالْمَرْكَبُ وَالْمَالُ، وَبِالتَّزَوُّدِ لِسَفَرِ الْمَعَادِ، وَزَادُهُ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الزَّادٌ خَيْرٌ مِنَ الزَّادِ الْأَوَّلِ لِقَوْلِهِ: فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى.
فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّزَوُّدِ فِي أَسْفَارِ الدُّنْيَا، فَيَكُونُ مَفْعُولُ: تَزَوَّدُوا، مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ، فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ مَا تَكْفُونَ بِهِ وُجُوهَكُمْ مِنَ السُّؤَالِ، وَأَنْفُسَكُمْ مِنَ الظُّلْمِ، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: التَّقْوَى هُنَا: الْكَعْكُ وَالزَّيْتُ وَالسَّوِيقُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَمَا يُشَاكِلُ ذَلِكَ مِنَ الْمَطْعُومَاتِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّزَوُّدِ لِسَفَرِ الْآخِرَةِ، وَهُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّزَوُّدِ فِي السَّفَرَيْنِ، كَأَنَّ التَّقْدِيرَ: وَتَزَوَّدُوا مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ لِعَاجِلِ سَفَرِكُمْ وَآجِلِهِ.
وَأَبْعَدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى: وَتَزَوَّدُوا الرَّفِيقَ الصَّالِحَ، إِلَّا إِنْ عَنَى بِهِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ، فَلَا يَبْعُدُ، لِأَنَّهُ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي الَّذِي اخْتَرْنَاهُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: احْتَمَلَ قَوْلُهُ: وَتَزَوَّدُوا، الْأَمْرَيْنِ مِنْ زَادِ الطَّعَامِ وَزَادِ التَّقْوَى، فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِمَا، إِذْ لَمْ تَقُمْ دَلَالَةٌ عَلَى تَخْصِيصِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَذَكَرَ التَّزَوُّدَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّهُ أَحَقُّ شَيْءٍ بِالِاسْتِكْثَارِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فِيهِ لِمُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ، كَمَا نَصَّ عَلَى خَطَرِ الْفُسُوقِ، وَإِنْ كَانَ مَحْظُورًا فِي غَيْرِهِ، تَعْظِيمًا لِحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِخْبَارًا أَنَّهُ فِيهِ أَعْظَمُ مَأْثَمًا.
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ زَادَ التَّقْوَى خَيْرُهُمَا لِبَقَاءِ نَفْعِهِ، وَدَوَامِ ثَوَابِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ أَهْلِ التَّصَوُّفِ، وَالَّذِينَ يُسَافِرُونَ بِغَيْرِ زَادٍ وَلَا رَاحِلَةٍ، لِأَنَّهُ تَعَالَى خَاطَبَ بِذَلِكَ مَنْ خَاطَبَهُ بِالْحَجِّ، وَعَلَى هَذَا
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ سُئِلَ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ، فَقَالَ: «هِيَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» .
انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْكَامِلِينَ فِي بَابِ التَّوَكُّلِ لَا يَطْعَنُ عَلَيْهِمْ أَنْ سَافَرُوا بِغَيْرِ زَادٍ، لِأَنَّهُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 291
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست