responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 272
لِمَنِ انْتَهَى عَنِ الْكُفْرِ وَدَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ بِالْقِتَالِ، فِيمَا سَبَقَ، مُقَيَّدًا مَرَّةً بِمَنْ قَاتَلَ، وَمَرَّةً بِمَكَانٍ حَتَّى يُبْدَأَ بِالْقِتَالِ فِيهِ، أَمَرَهُمْ بِالْقِتَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَنْ قَاتَلَ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَعِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ، فَنَسَخَ هَذَا الْأَمْرُ تِلْكَ الْقُيُودَ، وَصَارَ مُغَيًّا أَوْ مُعَلَّلًا بِانْتِفَاءِ الْفِتْنَةِ وَخُلُوصِ الدِّينِ لِلَّهِ، وَخَتَمَ هَذَا الْأَمْرَ بِأَنَّ مَنِ انْتَهَى وَدَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ فَلَا اعْتِدَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الِاعْتِدَاءُ عَلَى الظَّالِمِينَ، وَهُمُ الْكَافِرُونَ، كَمَا خَتَمَ الْأَمْرَ السَّابِقَ بِأَنَّ مَنِ انْتَهَى عَنِ الْكُفْرِ وَدَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَرَحِمَهُ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَتْكَ حُرْمَةِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ بِسَبَبِ الْقِتَالِ فِيهِ، وَهُوَ شَهْرُ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانُوا يَكْرَهُونَ الْقِتَالَ فِيهِ حِينَ خَرَجُوا لِعُمْرَةِ الْقَضَاءِ جَائِزٌ لَكُمْ بِسَبَبِ هَتْكِهِمْ حُرْمَتَهُ فِيهِ حِينَ قَاتَلُوكُمْ فِيهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْبَيْتِ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَاقْتَضَى أَنَّ كُلَّ مَنْ هَتَكَ أَيَّ حُرْمَةٍ اقْتُصَّ مِنْهُ بِأَنْ تُهْتَكَ لَهُ حُرْمَةٌ، فَكَمَا هَتَكُوا حُرْمَةَ شَهْرِكُمْ لَا تُبَالُوا بِهَتْكِ حُرْمَتِهِ لَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْمُجَازَاةِ لِمَنِ اعْتَدَى عَلَيْنَا بِعُقُوبَةٍ مِثْلِ عُقُوبَتِهِ، تأكيد لِمَا سَبَقَ، وَأَمَرَ بِالتَّقْوَى، فَلَا يُوقِعُ فِي الْمُجَازَاةِ غَيْرَ مَا سَوَّغَهُ لَهُ، ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ تَعَالَى مَعَ مَنِ اتَّقَى، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ مَعَهُ فَهُوَ الْمَنْصُورُ عَلَى عَدُوِّهِ، ثُمَّ أَمَرَ تَعَالَى بِإِنْفَاقِ الْمَالِ فِي سَبِيلِهِ وَنُصْرَةِ دِينِهِ، وَأَنْ لَا يَخْلُدَ إِلَى الدَّعَةِ وَالرَّغْبَةِ فِي إِصْلَاحِ هَذِهِ الدُّنْيَا وَالْإِخْلَادِ إِلَيْهَا، وَنَهَانَا عَنِ الِالْتِبَاسِ بِالدَّعَةِ وَالْهُوَيْنَا فَنَضْعُفَ عَنْ أَعْدَائِنَا، ويقوون هم علينا، فيؤول أَمْرُنَا مَعَهُمْ لِضَعْفِنَا وَقُوَّتِهِمْ إِلَى هَلَاكِنَا، وَفِي هَذَا الْأَمْرِ وَهَذَا النَّهْيِ مِنَ الْحَضِّ عَلَى الْجِهَادِ مَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ أَمَرَهُمْ تَعَالَى بِالْإِحْسَانِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ مَنْ أَحْسَنَ، ثُمَّ أَمَرَ تَعَالَى بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِأَنْ يَأْتُوا بِهِمَا تَامَّيْنِ كَامِلَيْنِ بِمَنَاسِكِهِمَا وَشَرَائِطِهِمَا، وَأَنْ يَكُونَ فِعْلُ ذَلِكَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَشُوبُ فِعْلَهَا رِيَاءٌ وَلَا سُمْعَةٌ، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ يَحُجُّونَ لِبَعْضِ أَصْنَامِهِمْ، فَأُمِرُوا بِإِخْلَاصِ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ أُحْصِرَ وَحُبِسَ عَنْ إِتْمَامِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَسُرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَالْهَدْيُ يَشْمَلُ: الْبَعِيرَ، وَالْبَقَرَةَ، وَالشَّاةَ، ثُمَّ نَهَى عَنْ حَلْقِ الرَّأْسِ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، وَالَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ فِي الْهَدْيِ أَنَّ مَحِلَّهُ هُوَ الْحَرَمُ، فَخُوطِبُوا بِمَا كَانَ سَابِقًا لَهُمْ عَلِمُهُ بِهِ، وَلَمَّا غَيَّا الْحَلْقَ بِوُقُوعِ هَذِهِ الْغَايَةِ مِنْ بُلُوغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ، وَكَانَ قَدْ يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مَا يَقْتَضِي حَلْقَ رَأْسِهِ لِمَرَضٍ أَوْ أَذًى بِرَأْسِهِ مِنْ قُمَّلٍ أَوْ قَرْحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَأَوْجَبَ تَعَالَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِدْيَةً مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ. وبين رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا انْبَهَمَ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي حديث كعب بن عجرة عَلَى مَا مَرَّ تَفْسِيرُهُ،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 272
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست