responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 248
وَقَالَ الرُّمَّانِيُّ، إِنَّمَا اسْتُعْمِلَ لَفْظُ الْعُدْوَانِ فِي الْجَزَاءِ مِنْ غَيْرِ مُزَاوَجَةِ اللَّفْظِ، لِأَنَّ مُزَاوَجَةَ اللَّفْظِ مُزَاوَجَةُ الْمَعْنَى، كَأَنَّهُ يَقُولُ: انْتَهُوا عَنِ الْعُدْوَانِ فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَهَذَا النَّفْيُ الْعَامُّ يُرَادُ بِهِ النَّهْيُ، أَيْ: فَلَا تَعْتَدُوا، وَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ إِذَا أَرَادُوا الْمُبَالَغَةَ فِي تَرْكِ الشَّيْءِ عَدَلُوا فِيهِ عَنِ النَّهْيِ إِلَى النَّفْيِ الْمَحْضِ الْعَامِّ، وَصَارَ أَلْزَمَ فِي الْمَنْعِ، إِذْ صَارَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَقَعُ أَصْلًا، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى النَّفْيِ الصَّحِيحِ أَصْلًا لِوُجُودِ الْعُدْوَانِ عَلَى غَيْرِ الظَّالِمِ. فَكَأَنَّهُ يَكُونُ إِخْبَارًا غَيْرَ مُطَابِقٍ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَفُسِّرَ الظَّالِمُونَ هُنَا بِمَنْ بَدَأَ بِالْقِتَالِ، وَقِيلَ: مَنْ بَقِيَ عَلَى كُفْرٍ وَفِتْنَةٍ، قَالَ عِكْرِمَةُ، وَقَتَادَةُ: الظَّالِمُ هُنَا مَنْ أَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وَقَالَ الْأَخْفَشُ الْمَعْنَى: فَإِنِ انْتَهَى بَعْضُهُمْ فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى مَنْ لَمْ يَنْتَهِ، وَهُوَ الظَّالِمُ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَلَا تَعْتَدُوا عَلَى الْمُنْتَهِينَ لِأَنَّ مُقَاتَلَةَ الْمُنْتَهِينَ عُدْوَانٌ وَظُلْمٌ، فَوُضِعَ قَوْلُهُ: إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، مَوْضِعَ: عَلَى الْمُنْتَهِينَ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى تَفْسِيرِ الْمَعْنَى، وَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ الْإِعْرَابِ فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّ: عَلَى الْمُنْتَهِينَ، لَيْسَ مُرَادِفًا لِقَوْلِهِ: إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، لِأَنَّ نَفْيَ الْعُدْوَانِ عَنِ الْمُنْتَهِينَ لَا يَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِهِ عَلَى الظَّالِمِينَ إِلَّا بِالْمَفْهُومِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ. وَفِي التَّرْكِيبِ الْقُرْآنِيِّ يَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِهِ عَلَى الظَّالِمِينَ بِالْمَنْطُوقِ الْمَحْصُورِ بِالنَّفْيِ وَإِلَّا، وَفَرْقٌ بَيْنَ الدَّلَالَتَيْنِ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَرَادَ تَفْسِيرَ الْإِعْرَابِ.
أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: فَوُضِعَ قَوْلُهُ: إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، مَوْضِعَ: عَلَى الْمُنْتَهِينَ؟ وَهَذَا الْوَضْعُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي تَفْسِيرِ الْإِعْرَابِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الدَّلَالَتَيْنِ، أَلَا تَرَى فَرْقَ مَا بَيْنَ قَوْلِكَ: مَا أَكْرَمَ الْجَاهِلَ! وَمَا أَكْرَمَ إِلَّا العالم؟ وإلّا عَلَى الظَّالِمِينَ، اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنَ الْإِخْبَارِ عَلَى الظَّالِمِينَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ: لَا، عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ مَجْمُوعُ: لَا عُدْوَانَ، عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ، وَجَاءَ: بِعَلَى، تَنْبِيهًا عَلَى اسْتِيلَاءِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِمْ وَاسْتِعْلَائِهِ.
وَقِيلَ: مَعْنَى لَا عُدْوَانَ، لَا سَبِيلَ، كَقَوْلِهِ: أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست