responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 238
الْعَادَةُ بِهِ قَبْلَ الْحَجِّ أَنْ يَفْعَلُوهُ، فِي الْحَجِّ، وَلَمَّا ذَكَرَ سُؤَالَهُمْ عَنِ الْأَهِلَّةِ بِسَبَبِ النُّقْصَانِ وَالزِّيَادَةِ، وَمَا حِكْمَةُ ذَلِكَ، وَكَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ تَعَالَى حَكِيمٌ، فَأَفْعَالُهُ جَارِيَةٌ عَلَى الْحِكْمَةِ، رَدَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ إِتْيَانِ الْبُيُوتِ مِنْ ظُهُورِهَا، إِذَا أَحْرَمُوا، لَيْسَ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي شَيْءٍ، وَلَا مِنَ الْبِرِّ، أَوْ لَمَّا وَقَعَتِ الْقِصَّتَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِيهِمَا مَعًا، وَوَصَلَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى.
وَأَمَّا حَمْلُ الْإِتْيَانِ وَالْبُيُوتِ عَلَى المجاز ففيه أقوال.
أحدها: أَنَّ ذَلِكَ ضَرْبُ، مَثَلٍ: الْمَعْنَى لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تَسْأَلُوا الْجُهَّالَ، وَلَكِنِ اتَّقُوا وَاسْأَلُوا الْعُلَمَاءَ. فَهَذَا كَمَا يُقَالُ: أَتَيْتُ الْأَمْرَ مِنْ بَابِهِ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ.
الثَّانِي: أَنَّهُ ذَكَرَ إِتْيَانَ الْبُيُوتِ مِنْ أَبْوَابِهَا مَثَلًا لِمُخَالَفَةِ الْوَاجِبِ فِي الْحَجِّ، وَذَلِكَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ فِي النَّسِيءِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَ الْحَجَّ عَنْ وَقْتِهِ الَّذِي عَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ وَيَحِلُّونَ الْحَرَامَ، فَضُرِبَ مَثَلًا لِلْمُخَالَفَةِ، وَقِيلَ: وَاتَّقُوا اللَّهَ تَحْتَ إِتْيَانِ كُلِّ وَاجِبٍ فِي اجْتِنَابِ كُلِّ مُحَرَّمٍ. قَالَهُ أَبُو مُسْلِمٍ.
الثَّالِثُ: أَنَّ إِتْيَانَ الْبُيُوتِ مِنْ ظُهُورِهَا كِنَايَةٌ عَنِ الْعُدُولِ عَنِ الطَّرِيقِ الصحيح، وإتيانها كِنَايَةٌ عَنِ التَّمَسُّكِ بِالطَّرِيقِ الصَّحِيحِ، وَذَلِكَ أَنَّ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْمَعْلُومِ عَلَى الْمَظْنُونِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الصَّانِعَ حَكِيمٌ لَا يَفْعَلُ إِلَّا الصَّوَابَ، وَقَدْ عَرَفْنَا أَنَّ اخْتِلَافَ أَحْوَالِ الْقَمَرِ فِي نُورِهِ مِنْ فِعْلِهِ، فَيُعْلَمُ أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً وَحِكْمَةً، فَهَذَا اسْتِدْلَالٌ بِالْمَعْلُومِ عَلَى الْمَجْهُولِ. أَمَّا أَنْ نَسْتَدِلَّ بِعَدَمِ عِلْمِنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْحِكْمَةِ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهُ لَيْسَ بِحَكِيمٍ فَهَذَا اسْتِدْلَالٌ بِالْمَجْهُولِ عَلَى الْمَعْلُومِ، فَالْمَعْنَى: أَنَّكُمْ لَمَّا لَمْ تَعْلَمُوا حِكْمَتَهُ فِي اخْتِلَافِ الْقَمَرِ، صِرْتُمْ شَاكِّينَ فِي حِكْمَةِ الْخَالِقِ، فَقَدْ أَتَيْتُمْ مَا تَظُنُّونَهُ بِرًّا، إِنَّمَا الْبِرُّ أَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا فَتَسْتَدِلُّوا بِالْمَعْلُومِ، وَهُوَ حِكْمَةُ الْخَالِقِ عَلَى الْمَجْهُولِ، فَتَقْطَعُوا أَنَّ فِيهِ حِكْمَةً بَالِغَةً، وَإِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، قَالَهُ فِي (رِيِّ الظَّمْآنِ) وَهُوَ قَوْلٌ مُلَفَّقٌ مِنْ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَمْثِيلًا لِتَعْكِيسِهِمْ فِي سُؤَالِهِمْ، وَأَنَّ مَثَلَهُمْ فِيهِ كَمَثَلِ مَنْ يَتْرُكُ بَابَ الْبَيْتِ وَيَدْخُلُهُ مِنْ ظَهْرِهُ، وَالْمَعْنَى: لَيْسَ الْبِرُّ، وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا عَلَيْهِ، بِأَنْ تَعْكِسُوا فِي مَسَائِلِكُمْ، وَلَكِنَّ الْبِرَّ بِرُّ مَنِ اتَّقَى ذَلِكَ وَتَجَنَّبَهُ، وَلَمْ يَجْسُرْ عَلَى مِثْلِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها أَيْ: وَبَاشِرُوا الْأُمُورَ مِنْ وُجُوهِهَا الَّتِي يَجِبُ أَنْ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست