responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 228
ذَكَرَ أَنَّ مَنْ أَطَاقَ الصَّوْمَ وَأَرَادَ الْفِطْرَ فَأَفْطَرَ فَإِنَّهُ يَفْدِي بِإِطْعَامِ مَسَاكِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالْخَيْرِ، هُوَ خَيْرٌ، وَأَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ مِنَ الْفِطْرِ، وَالْفِدَاءِ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ الْحُكْمَ مِنْ صِيَامِ الْأَيَّامِ الْقَلَائِلِ بِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَهَكَذَا جَرَتِ الْعَادَةُ فِي التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ يُبْتَدَأُ فِيهَا أَوَّلًا بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، يَنْتَهِي إِلَى الْحَدِّ الَّذِي هُوَ الْغَايَةُ الْمَطْلُوبَةُ فِي الشَّرِيعَةِ، فَيَسْتَقِرُّ الْحُكْمُ.
وَنَبَّهَ عَلَى فَضِيلَةِ هَذَا الشَّهْرِ الْمَفْرُوضِ بِأَنَّهُ الشَّهْرُ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ تَعَالَى مَنْ كَانَ شَهِدَهُ أَنْ يُصُومَهُ، وَعَذَرَ مَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا، فَذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ صَوْمَ عِدَّةِ مَا أَفْطَرَ إِذَا صَحَّ وَأَقَامَهُ كَحَالِهِ حِينَ كَلَّفَهُ صَوْمَ تِلْكَ الْأَيَّامِ، ثُمَّ نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنَّ التَّخْفِيفَ عَنِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ هُوَ لِإِرَادَتِهِ تَعَالَى بِالْمُكَلَّفِينَ لِلتَّيْسِيرِ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ صَوْمِ الشَّهْرِ، وَإِبَاحَةَ الْفِطْرِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَإِرَادَةَ الْيُسْرِ بِنَا هُوَ لِتَكْمِيلِ الْعِدَّةِ، وَلِتَعْظِيمِ اللَّهِ، وَلِرَجَاءِ الشُّكْرِ، فَقَابَلَ كُلَّ مَشْرُوعٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ، ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى تَعْظِيمَ الْعِبَادِ لِرَبِّهِمْ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ، ذَكَرَ قُرْبَهُ بِالْمَكَانَةِ مِنْهُمْ، فَإِذَا سَأَلُوهُ أَجَابَهُمْ، وَلَا تَتَأَخَّرُ إِجَابَتُهُ تَعَالَى عِنْدَهُ عَنْ وَقْتِ دُعَائِهِ، ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُمُ الِاسْتِجَابَةَ لَهُ إِذَا دَعَاهُمْ كَمَا هُوَ يُجِيبُهُمْ إِذَا دَعَوْهُ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالدَّيْمُومَةِ عَلَى الْإِيمَانِ، لِأَنَّهُ أَصْلُ الْعِبَادَاتِ وَبِصِحَّتِهِ تَصِحُّ، ثُمَّ ذَكَرَ رَجَاءَ حُصُولِ الرَّشَادِ لَهُمْ إِذَا اسْتَجَابُوا لَهُ وَآمَنُوا بِهِ، ثُمَّ امْتَنَّ عَلَيْهِمْ تَعَالَى بِإِحْلَالِ مَا كَانُوا مَمْنُوعِينَ مِنْهُ، وَهُوَ النِّكَاحُ فِي سَائِرِ اللَّيَالِي الْمَصُومِ أَيَّامُهَا، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُنَّ مِثْلُ اللِّبَاسِ لَكُمْ فَأَنْتُمْ لَا تَسْتَغْنُونَ عَنْهُنَّ، ثُمَّ لَمَّا وَقَعَ بَعْضُهُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُخَالَفَةِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَعَفَا عَنْهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى مَا اكْتَفَى بِذِكْرِ الْإِخْبَارِ بِالتَّحْلِيلِ حَتَّى أَبَاحَ ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فَقَالَ: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ، وَكَذَلِكَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ، وَغَيَّا ثَلَاثَتَهُنَّ بِتَبْيِينِ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَمْرَ وُجُوبٍ بِإِتْمَامِ الصِّيَامِ إِلَى اللَّيْلِ. وَلَمَّا كَانَ إِحْلَالُ النِّكَاحِ فِي سَائِرِ لَيَالِي الصَّوْمِ، وَكَانَ مِنْ أَحْوَالِ الصَّائِمِ الِاعْتِكَافُ، وَكَانَتْ مُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ فِي الِاعْتِكَافِ حَرَامًا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ.
ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْحَوَاجِزِ وَهِيَ: الْحُدُودُ، وَأَضَافَهَا إِلَيْهِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الَّذِي حَدَّهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، فَنَهَاهُمْ عَنْ قُرْبَانِهَا، فَضْلًا عَنِ الْوُقُوعِ فِيهَا مُبَالَغَةً فِي التَّبَاعُدِ عَنْهَا، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُبَيِّنُ الْآيَاتِ وَيُوَضِّحُهَا وَهِيَ سَائِرُ الْأَدِلَّةِ وَالْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى شَرَائِعِ اللَّهِ تَعَالَى مِثْلِ هَذَا الْبَيَانِ الْوَاضِحِ فِي الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ لِيَكُونُوا عَلَى رَجَاءٍ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ الْمُفْضِيَةِ بِصَاحِبِهَا إِلَى طَاعَةِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست