responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 226
قَالَ النَّحْوِيُّونَ: إِذَا نَصَبْتَ كَانَ الْكَلَامُ نَهْيًا عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَصِحُّ فِي الْآيَةِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْجَمْعِ لَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ، وَالنَّهْيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا حُصُولَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ ضَرُورَةً، أَلَا تَرَى أَنَّ أَكْلَ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ حَرَامٌ سَوَاءٌ أُفْرِدَ أَمْ جُمِعَ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ؟.
وَالثَّانِي: وَهُوَ أَقْوَى، أَنَّ قَوْلَهُ لِتَأْكُلُوا عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَهَا، فَلَوْ كَانَ النَّهْيُ عَنِ الْجَمْعِ لَمْ تَصْلُحِ الْعِلَّةُ لَهُ، لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ شَيْئَيْنِ لَا تَصْلُحُ الْعِلَّةُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى وُجُودِهِمَا، بَلْ إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى وُجُودِ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ: الْإِدْلَاءُ بِالْأَمْوَالِ إِلَى الْحُكَّامِ. وَالْإِدْلَاءُ هُنَا قِيلَ: مَعْنَاهُ الْإِسْرَاعُ بِالْخُصُومَةِ فِي الْأَمْوَالِ إِلَى الْحُكَّامِ، إِذَا عَلِمْتُمْ أَنَّ الْحُجَّةَ تَقُومُ لَكُمْ. إِمَّا بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْجَاحِدِ بَيِّنَةٌ أَوْ يَكُونَ الْمَالُ أَمَانَةً: كَمَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْبَاءُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِلسَّبَبِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَرْشُوا بِالْأَمْوَالِ الْحُكَّامَ لِيَقْضُوا لَكُمْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا الْقَوْلُ يَتَرَجَّحُ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ مَظِنَّةُ الرِّشَاءِ إِلَّا مَنْ عُصِمَ، وَهُوَ الْأَقَلُّ، وَأَيْضًا: فَإِنَّ اللَّفْظَتَيْنِ مُتَنَاسِبَتَانِ تُدْلُوا، مِنْ إِرْسَالِ الدَّلْوِ، وَالرِّشْوَةُ مِنَ الرِّشَاءِ، كَأَنَّهَا يُمَدُّ بِهَا لِتُقْضَى الْحَاجَةُ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهُوَ حَسَنٌ.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا تَجْنَحُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَدْلَى فُلَانٌ بِحُجَّتِهِ، قَامَ بِهَا، وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَعْنَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَالضَّمِيرُ فِي: بِهَا عَائِدٌ عَلَى الْأَمْوَالِ، كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَأَبْعَدُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ، أَيْ: لَا تُدْلُوا بِشَهَادَةِ الزُّورِ إِلَى الْحُكَّامِ، فَيُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ نُهُوا عَنِ الْإِدْلَاءِ هُمُ الشُّهُودَ، وَيَكُونُ الْفَرِيقُ مِنَ الْمَالِ مَا أَخَذُوهُ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ نُهُوا هُمُ الْمَشْهُودُ لَهُمْ، وَيَكُونُ الْفَرِيقُ مِنَ الْمَالِ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُونَهُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، بِسَبَبِ شَهَادَةِ أُولَئِكَ الشُّهُودِ.
لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً أَيْ: قِطْعَةً وَطَائِفَةً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ قِيلَ. هِيَ أَمْوَالُ الْأَيْتَامِ، وَقِيلَ: هِيَ الْوَدَائِعُ. وَالْأَوْلَى الْعُمُومُ، وَأَنَّ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ أَخْذِ كُلِّ مَالٍ يُتَوَصَّلُ إِلَيْهِ فِي الْحُكُومَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَ: مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ أَيْ: فَرِيقًا كَائِنًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ. بِالْإِثْمِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: لِتَأْكُلُوا، وَفُسِّرَ بِالْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ، وَقِيلَ: بِالرِّشْوَةِ، وَقِيلَ: بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ، وَقِيلَ: بِالصُّلْحِ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ ظَالِمٌ، وَالْأَحْسَنُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست