responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 220
وَسَبَبُ النُّزُولِ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ هِيَ الْجِمَاعُ فَقَطْ، وَقَالَ بِذَلِكَ فِرْقَةٌ، فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْجِمَاعُ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: يَقَعُ هُنَا عَلَى الْجِمَاعِ وَمَا يُتَلَذَّذُ بِهِ، وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ هَذَا النَّهْيَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ، وَأَنَّ الِاعْتِكَافَ يَبْطُلُ بِالْجِمَاعِ. وَأَمَّا دَوَاعِي النِّكَاحِ: كَالنَّظْرَةِ وَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ بِشَهْوَةٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الِاعْتِكَافُ عِنْدَ مَالِكٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ فَعَلَ فَأَنْزَلَ فَسَدَ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ: إِنْ فَعَلَ فَسَدَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، أَيْضًا: لَا يَفْسُدُ مِنَ الْوَطْءِ إِلَّا بِمَا مِثْلُهُ مِنَ الْأَجْنَبِيَّةِ يُوجِبُ، وَصَحَّ
فِي الْحَدِيثِ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ
، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا كَانَتْ تَمَسُّهُ. قَالُوا: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ غَيْرُ مَحْظُورٍ، وَإِذَا كَانَتِ الْمُبَاشَرَةُ مَعْنِيًّا بِهَا اللَّمْسُ، وَكَانَ قَدْ نُهِيَ عَنْهُ فَالْجِمَاعُ أجرى وَأَوْلَى، لِأَنَّ فِيهِ اللَّمْسَ وَزِيَادَةً، وَكَانَتِ الْمُبَاشَرَةُ الْمَعْنِيُّ بِهَا اللَّمْسَ مُقَيَّدَةً بِالشَّهْوَةِ.
وَالْعُكُوفُ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ حَبْسِ النَّفْسِ فِي مَكَانٍ لِلْعِبَادَةِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ مِنَ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ.
وَقَرَأَ قَتَادَةُ: وَأَنْتُمْ عَكِفُونَ، بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ: لَا تُبَاشِرُوهُنَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي جَوَازَ الِاعْتِكَافِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ،
وَثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ، فَهُوَ سُنَّةٌ، وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِمَطْلُوبِيَّتِهِ، فَنَذْكُرُ شَرَائِطَهُ، وَشَرْطُهُ الصَّوْمُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ
، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الصَّوْمَ مِنْ سُنَّةِ الْمُعْتَكِفِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ سَعِيدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ: لَيْسَ الصَّوْمُ شَرْطًا.
وَرَوَى طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَحْدِيدٌ فِي الزَّمَانِ، بَلْ كُلُّ مَا يُسَمَّى لُبْثًا فِي زَمَنٍ مَا، يُسَمَّى عُكُوفًا. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَعْتَكِفُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، هَذَا مَشْهُورُ مَذْهَبِهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.
وَظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْعُكُوفِ أَيْضًا يَقْتَضِي جَوَازَ اعْتِكَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَحَدِهِمَا، فَعَلَى هَذَا، لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ فَقَطْ صَحَّ، أَوْ يَوْمٍ فَقَطْ صَحَّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ سَحْنُونٌ:
لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ لَزِمَتْهُ بِلَيَالِيهَا.
وَفِي الْخُرُوجِ مِنَ الْمُعْتَكَفِ، وَالِاشْتِغَالِ فِيهِ بِغَيْرِ الْعِبَادَةِ الْمَقْصُودَةِ، وَالدُّخُولِ إِلَيْهِ، وَفِي مُبْطِلَاتِهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ ذُكِرَتْ فِي كُتُبِ الْفِقَهِ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست