responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 213
فَسَدَّتْ أَنَّ مَسَدَّ الْمَفْعُولِ، أَوِ التَّعْدِيَةَ الَّتِي هِيَ لَهَا فِي الْأَصْلِ، فَسَدَّتْ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ، عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا نظير هذا. وتختانون: هُوَ مِنَ الْخِيَانَةِ، وَافْتَعَلَ هُنَا بِمَعْنَى فَعَلَ، فَاخْتَانَ: بِمَعْنَى: خَانَ، كَاقْتَدَرَ بِمَعْنَى: قَدَرَ.
قِيلَ وَزِيَادَةُ الْحَرْفِ تَدُلُّ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الْمَعْنَى، وَالِاخْتِيَانُ هُنَا مُعَبَّرٌ بِهِ عَمَّا وَقَعُوا فِيهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ بِالْجِمَاعِ، وَبِالْأَكْلِ بَعْدَ النَّوْمِ، وَكَانَ ذَلِكَ خِيَانَةً لِأَنْفُسِهِمْ، لِأَنَّ وَبَالَ الْمَعْصِيَةِ عَائِدٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: تَظْلِمُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتَنْقُصُونَ حَقَّهَا مِنَ الْخَيْرِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ، تَسْتَأْثِرُونَ أَنْفُسَكُمْ فِيمَا نُهِيتُمْ عَنْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: تَتَعَهَّدُونَ أَنْفُسَكُمْ بِإِتْيَانِ نِسَائِكُمْ.
يُقَالُ: تَخَوَّنَ، وَتَخَوَّلَ، بِمَعْنَى: تَعَهَّدَ، فَتَكُونُ النُّونُ بَدَلًا مِنَ اللَّامِ لِأَنَّهُ بِاللَّامِ أَشْهَرُ.
وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ النَّفْسِ، وَلِذَلِكَ قَالَ:
أَنْفُسِكُمْ، وَلَمْ يَقُلِ: اللَّهَ، وَظَاهِرُ الْكَلَامِ وُقُوعُ الْخِيَانَةِ مِنْهُمْ لِدَلَالَةِ كَانَ عَلَى ذَلِكَ، وَلِلنَّقْلِ الصَّحِيحِ فِي حَدِيثِ الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ وَلَمْ يَقَعْ بَعْدُ، وَالْمَعْنَى:
تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ لَوْ دَامَتْ تِلْكَ الْحُرْمَةُ، وَهَذَا فِيهِ ضَعْفٌ لِوُجُودِ: كَانَ، وَلِأَنَّهُ إِضْمَارٌ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَلِمُنَافَاةِ ظَاهِرِ قَوْلِهِ: فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ.
فَتابَ عَلَيْكُمْ أَيْ: قَبِلَ تَوْبَتَكُمْ حِينَ تُبْتُمْ مِمَّا ارْتَكَبْتُمْ مِنَ الْمَحْظُورِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ خَفَّفَ عَنْكُمْ بِالرُّخْصَةِ وَالْإِبَاحَةِ كَقَوْلِهِ: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ [1] فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ [2] لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ [3] مَعْنَاهُ كُلُّهُ التَّخْفِيفُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَسْقَطَ عَنْكُمْ مَا افْتَرَضَهُ مِنْ تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، أَوْ بَعْدَ النَّوْمِ عَلَى الْخِلَافِ، وَهَذَا الْقَوْلُ رَاجِعٌ لِمَعْنَى الْقَوْلِ الثَّانِي: وَعَفا عَنْكُمْ أَيْ: عَنْ ذُنُوبِكُمْ فَلَا يُؤَاخِذُكُمْ، وَقَبُولُ التَّوْبَةِ هُوَ رَفْعُ الذَّنْبِ كَمَا
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّوْبَةُ تَمْحُو الْحَوْبَةَ وَالْعَفْوُ تَعْفِيَةُ أَثَرِ الذَّنْبِ»
فَهُمَا رَاجِعَانِ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَعَاقَبَ بَيْنَهُمَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى سَهَّلَ عَلَيْكُمْ أَمْرَ النِّسَاءِ فِيمَا يُؤْتَنَفُ، أَيْ: تَرَكَ لَكُمُ التَّحْرِيمَ، كَمَا تَقُولُ: هَذَا شَيْءٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، أَيْ: مَتْرُوكٌ، وَيُقَالُ: أَعْطَاهُ عَفْوًا أَيْ سَهْلًا لَمْ يُكَلِّفْهُ إِلَى سُؤَالٍ، وَجَرَى الْفَرَسُ شَأْوَيْنِ عَفْوًا، أَيْ: مِنْ ذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ إِزْعَاجٍ وَاسْتِدْعَاءٍ بِضَرْبٍ بِسَوْطٍ، أو نخس بمهماز.

[1] سورة المزمل: 73/ 20.
[2] سورة النساء: 4/ 92.
[3] سورة التوبة: 9/ 187.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست