responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 18
الْجَعْلَةُ لَكَبِيرَةً، أَوْ يَعُودُ عَلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهَا، وَهِيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، قَبْلَ التَّحْوِيلِ، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالْأَخْفَشُ. وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّوْهَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَمَعْنَى كَبِيرَةً: أَيْ شَاقَّةً صَعْبَةً، وَوَجْهُ صُعُوبَتِهَا أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْعَادَةِ، لِأَنَّ مَنْ أَلِفَ شَيْئًا، ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ، صَعُبَ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مُحْتَاجٌ إِلَى مَعْرِفَةِ النَّسْخِ وَجَوَازِهِ وَوُقُوعِهِ. وَإِنْ هُنَا هِيَ الْمُخَفِّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، دَخَلَتْ عَلَى الْجُمْلَةِ النَّاسِخَةِ.
وَاللَّامُ هِيَ لَامُ الْفَرْقِ بَيْنَ إِنِ النَّافِيَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَهَلْ هِيَ لَامُ الِابْتِدَاءِ أُلْزِمَتْ لِلْفَرْقِ، أَمْ هِيَ لَامٌ اجْتُلِبَتْ لِلْفَرْقِ؟ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، هَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَقُطْرُبٍ فِي إِنَّ الَّتِي يَقُولُ الْبَصْرِيُّونَ إِنَّهَا مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي النَّحْوِ. وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ: لَكَبِيرَةً بِالنَّصْبِ، عَلَى أَنْ تَكُونَ خَبَرَ كَانَتْ. وَقَرَأَ الْيَزِيدِيُّ: لَكَبِيرَةٌ بِالرَّفْعِ، وَخَرَّجَ ذَلِكَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى زِيَادَةِ كَانَتْ، التَّقْدِيرُ: وَإِنْ هِيَ لَكَبِيرَةٌ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ كَانَ الزَّائِدَةُ لَا عَمَلَ لَهَا، وَهُنَا قَدِ اتَّصَلَ بِهَا الضَّمِيرُ فَعَمِلَتْ فِيهِ، وَلِذَلِكَ اسْتَكَنَّ فِيهَا. وَقَدْ خَالَفَ أَبُو سَعِيدٍ، فَزَعَمَ أَنَّهَا إِذَا زِيدَتْ عَمِلَتْ فِي الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْهَا، أَيْ كَانَ هُوَ، أَيِ الْكَوْنِ. وَقَدْ رُدَّ ذَلِكَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا نُوزِعُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ كَانَ زَائِدَةٌ فِي قَوْلِهِ:
وَجِيرَانٍ لَنَا كَانُوا كِرَامِ لِاتِّصَالِ الضَّمِيرِ بِهِ وَعَمَلِ الْفِعْلِ فِيهِ، وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ لَكَبِيرَةً خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ: لَهِيَ كَبِيرَةٌ. وَيَكُونُ لَامُ الْفَرْقِ دَخَلَتْ عَلَى جُمْلَةٍ فِي التَّقْدِيرِ، تِلْكَ الْجُمْلَةُ خَبَرٌ لِكَانَتْ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَهُوَ تَوْجِيهُ شُذُوذٍ. إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ، هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَحْذُوفِ، إِذِ التَّقْدِيرُ: وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً عَلَى النَّاسِ إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ، وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا إِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ نَفْيٌ أَوْ شُبْهَةٌ، إِنَّمَا سَبَقَهُ إِيجَابٌ. وَمَعْنَى هُدَى اللَّهِ، أَيْ هَدَاهُمْ لِاتِّبَاعِ الرَّسُولِ، أَوْ عَصَمَهُمْ وَاهْتَدَوْا بِهِدَايَتِهِ، أَوْ خَلَقَ لَهُمُ الْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، أَوْ وَفَّقَهُمْ إِلَى الْحَقِّ وَثَبَّتَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ. وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ، وَفِيهِ إِسْنَادُ الْهِدَايَةِ إِلَى اللَّهِ، أَيْ أَنَّ عَدَمَ صُعُوبَةِ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ بِتَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ، لَا مِنْ ذَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ، فَهُوَ الَّذِي وَفَّقَهُمْ لِهِدَايَتِهِ.
وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ:
قِيلَ: سَبَبُ نُزُولِ هَذَا أَنَّ جَمَاعَةً مَاتُوا قَبْلَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ، فَنَزَلَتْ.
وَقِيلَ: السَّائِلُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَالْبَرَاءُ بْنُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست