responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 166
شَهَادَةٍ، أَوْ يَكْتُمُهَا، أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ يَمْنَعُ حُصُولَ الْمَالِ وَوُصُولَهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وقيل:
المراد بمن: مُتَوَلِّي الْإِيصَاءِ دُونَ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ الْعَدْلُ وَالْجَنَفُ وَالتَّبْدِيلُ وَالْإِمْضَاءُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ: بمن: هُوَ الْمُوصِي، نُهِيَ عَنْ تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ عَنِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنِ الْوَصِيَّةِ إِلَيْهَا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَصْرِفُونَهَا إِلَى الْأَجَانِبِ، فَأُمِرُوا بِصَرْفِهَا إِلَى الْأَقْرَبِينَ.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ بَدَّلَهُ وَفِي قَوْلِهِ: بَعْدَ مَا سَمِعَهُ عَائِدًا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ، وَفِي قَوْلِهِ: بَعْدَ مَا سَمِعَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِثْمَ لَا يَتَرَتَّبُ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُبَدِّلُ قَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ، وَكَنَّى بِالسَّمَاعِ عَنِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ طَرِيقُ حُصُولِهِ. فَإِنَّما إِثْمُهُ: الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْإِيصَاءِ الْمُبَدَّلِ، أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَدَّلَهُ، أَيْ: فَإِنَّمَا إِثْمُ التَّبْدِيلِ عَلَى الْمُبَدِّلِ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا، فَإِنَّمَا وَبَالُهُ عَلَيْهِ خَاصَّةً، فَإِنْ قَصَّرَ الْوَصِيُّ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ، لَمْ يَلْحَقِ الْمَيِّتَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَرَاعَى الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِذْ لَوْ جَرَى عَلَى نسق اللَّفْظِ الْأَوَّلِ لَكَانَ: فَإِنَّمَا إِثْمُهُ، أَوْ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَيْهِ عَلَى الَّذِي يُبَدِّلُهُ، وَأَتَى فِي جُمْلَةِ الْجَوَابِ بِالظَّاهِرِ مَكَانَ الْمُضْمَرِ لِيُشْعِرَ بِعِلْيَةِ الْإِثْمِ الْحَاصِلِ، وَهُوَ التَّبْدِيلُ، وَأَتَى بِصِلَةِ: الَّذِينَ، مُسْتَقْبَلَةً جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ، إِذْ هُوَ مُسْتَقْبَلٌ.
إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فِي هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ لِلْمُبَدِّلِينَ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَعَالَى شَيْءٌ، فَهُوَ يُجَازِيهِمْ عَلَى تَبْدِيلِهِمْ شَرَّ الْجَزَاءِ، وَقِيلَ: سَمِيعٌ لِقَوْلِ الْمُوصِي، عَلِيمٌ بِفِعْلِ الْمُوصَى، وَقِيلَ: سَمِيعٌ لِوَصَايَاهُ، عَلِيمٌ بِنِيَّاتِهِ. وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِمَجِيئِهِ فِي أَثَرِ ذِكْرِ التَّبْدِيلِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ.
فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْخَوْفَ هُوَ الْخَشْيَةُ هُنَا، جَرْيًا عَلَى أَصْلِ اللُّغَةِ فِي الْخَوْفِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: بِتَوَقُّعِ الجنف أو الإثم من الْمُوصِي.
قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَعْنَى: مَنْ خَشِيَ أَنْ يَجْنَفَ الْمُوصِي، وَيَقْطَعَ مِيرَاثَ طَائِفَةٍ، وَيَتَعَمَّدَ الْإِذَايَةَ أَوْ يَأْتِيَهَا دُونَ تَعَمُّدٍ، وَذَلِكَ هُوَ الْجَنَفُ دُونَ إِثْمٍ، وَإِذَا تَعَمَّدَ فَهُوَ الْجَنَفُ فِي إِثْمٍ، فَوَعَظَهُ فِي ذَلِكَ وَرَدَّهُ، فَصَلُحَ بِذَلِكَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَتِهِ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ.
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ عَنِ الْمُوصِي إِذَا عَمِلَتْ فِيهِ الْمَوْعِظَةُ وَرَجَعَ عَمَّا أَرَادَ مِنَ الْأَذِيَّةِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست