responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 127
فَالْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كِتَابَهُمُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمْ، دُونَ الْقُرْآنِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ: تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ إِمَّا مَأْخُوذٌ مِنْ كَوْنِ هَذَا يَصِيرُ فِي شِقٍّ وَهَذَا فِي شِقٍّ، أَوْ مِنْ كَوْنِ هَذَا يَشُقُّ عَلَى صَاحِبِهِ. وَكَنَّى بِالشِّقَاقِ عَنِ الْعَدَاوَةِ، وَوَصَفَ الشِّقَاقَ بِالْبُعْدِ، إِمَّا لِكَوْنِهِ بَعِيدًا عَنِ الْحَقِّ، أَوْ لِكَوْنِهِ بَعِيدًا عَنِ الْأُلْفَةِ. أَوْ كَنَّى بِهِ عَنِ الطُّولِ، أَيْ فِي مُعَادَاةٍ طَوِيلَةٍ لَا تَنْقَطِعُ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ هُوَ سَبَبُ اعْتِقَادِ كُلِّ طَائِفَةٍ أَنَّ كِتَابَهَا هُوَ الْحَقُّ، وَأَنَّ غَيْرَهُ افْتِرَاءٌ، وَقَدْ كَذَبُوا فِي ذَلِكَ. كُتُبُ اللَّهِ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَةُ نِدَاءَ النَّاسِ ثَانِيًا، وَأَمْرَهُمْ بِالْأَكْلِ مِنَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ، وَنَهْيَهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ الشَّيْطَانِ، وَذِكْرَ خُطُوَاتِهِ، كَأَنَّهُمْ يَقْتَفُونَ آثاره، ويطؤون عَقِبَهُ.
فَكُلَّمَا خَطَا خُطْوَةً، وَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ مُبَالَغَةٌ فِي اتِّبَاعِهِ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنِ اتِّبَاعِهِ، لِأَنَّهُ هُوَ الْعَدُوُّ الْمُظْهِرُ لِعَدَاوَتِهِ. ثُمَّ لَمْ يَكْتَفِ بِذِكْرِ الْعَدَاوَةِ حَتَّى ذَكَرَ أَنَّهُ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعَاصِي. وَلَمَّا كَانَ لَهُمْ مَتْبُوعًا وَهُمْ تَابَعُوهُ، نَاسَبَ ذِكْرُ الْأَمْرِ، إِذْ هُمْ مُمْتَثِلُونَ مَا زَيَّنَ لَهُمْ وَوَسْوَسَ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا بِهِ أَمْرَهُمْ، وَهُوَ أَمْرُهُ إِيَّاهُمْ بِالِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ، وَالْإِخْبَارِ عَنِ اللَّهِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ عَنِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ شِدَّةَ إِعْرَاضِهِمْ عَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَاقْتِفَاءَ اتِّبَاعِ آبَائِهِمْ، حَتَّى أَنَّهُمْ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ مَسْلُوبِي الْعَقْلِ وَالْهِدَايَةِ، لَكَانُوا مُتَّبِعِيهِمْ، مُبَالَغَةً فِي التَّقْلِيدِ الْبَحْتِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَجَرْيًا لِخَلَفِهِمْ عَلَى سَلَفِ سُنَنِهِمْ، مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا اسْتِدْلَالٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَثَلَ الْكُفَّارِ وَدَاعِيهِمْ إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، مَثَلُ النَّاعِقِ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا مُجَرَّدَ أَلْفَاظٍ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الصَّمَمِ وَالْبَكَمِ وَالْعَمَى، الَّتِي هِيَ مَانِعَةٌ مِنْ وُصُولِ الْعُلُومِ إِلَى الْإِنْسَانِ، فَلِذَلِكَ خَتَمَ بِقَوْلِهِ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ، لِأَنَّ طرق العقل والعلم منسدة عَلَيْهِمْ. ثُمَّ نَادَى الْمُؤْمِنِينَ نِدَاءً خَاصًّا، وَأَمَرَهُمْ بِالْأَكْلِ مِنَ الطَّيَّبِ وَبِالشُّكْرِ لِلَّهِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَشْيَاءَ مِمَّا حَرَّمَ، وَأَبَاحَ الْأَكْلَ مِنْهَا حَالَ الِاضْطِرَارِ، وَشَرَطَ فِي تَنَاوُلِ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُضْطَرُّ بَاغِيًا وَلَا عَادِيًا. وَلَمَّا أَحَلَّ أَكْلَ الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ مَا حَرَّمَ هُنَا، ذَكَرَ أَحْوَالَ مَنْ كتم ما أنزل الله وَاشْتَرَى بِهِ النَّزْرَ الْيَسِيرَ، لِتَعْتَبِرَ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِحَالِ مَنْ كَتَمَ الْعِلْمَ وَبَاعَهُ بِأَخَسِّ ثَمَنٍ، إِذْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ فِي بَطْنِهِ إِلَّا النَّارَ، أَيْ مَا يُوجِبُ أَكْلَهُ النَّارَ. وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ حِينَ يُكَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ تَكْلِيمَ رَحْمَةٍ وَإِحْسَانٍ. وَذَكَرَ أَنَّهُمْ مَعَ انْتِفَاءِ التَّعْلِيمِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى الرُّتَبِ للمرؤوس مِنَ الرَّئِيسِ، حَيْثُ أَهَّلَهُ لِمُنَاجَاتِهِ وَمُحَادَثَتِهِ، وَانْتِفَاءُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ لَهُمُ الْعَذَابُ الْمُؤْلِمُ. ثُمَّ بَالَغَ فِي ذَمِّهِمْ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ آثَرُوا الضَّلَالَ عَلَى الْهُدَى، وَالْعَذَابَ عَلَى النَّعِيمِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُمْ بِصَدَدِ أَنْ يُتَعَجَّبَ مِنْ جَلَدِهِمْ عَلَى النَّارِ، وَأَنَّ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست