responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 111
فَاحْتَمَلَتْ مَا وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً اسْمَ إِنَّ، وَالْعَائِدُ الضَّمِيرُ الْمُسْتَكِنُّ فِي حرم والميتة خبران. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ ما مهيئة والميتة مَرْفُوعٌ بِحَرَّمَ. وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: إِنَّمَا حَرُمَ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ مُخَفَّفَةً جَعَلَهُ لَازِمًا، والميتة وَمَا بَعْدَهَا مَرْفُوعٌ. وَيُحْتَمَلُ مَا الْوَجْهَيْنِ مِنَ التَّهْيِئَةِ والوصل، والميتة فَاعِلُ يَحْرُمُ، إِنْ كَانَتْ مَا مُهَيِّئَةً، وَخَبَرُ إِنَّ، إِنْ كَانَتْ مَا مَوْصُولَةً. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: الْمَيِّتَةُ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ أَصْلٌ لِلتَّخْفِيفِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا التَّخْفِيفِ فِي قَوْلِهِ: أَوْ كَصَيِّبٍ [1] ، وَهُمَا لُغَتَانِ جَيِّدَتَانِ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ:
لَيْسَ من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء
قِيلَ: وَحَكَى أَبُو مُعَاذٍ عَنِ النَّحْوِيِّينَ الْأَوَّلِينَ، أَنَّ الْمَيْتَ بِالتَّخْفِيفِ: الَّذِي فَارَقَتْهُ الرُّوحُ، وَالْمَيِّتُ بِالتَّشْدِيدِ: الَّذِي لَمْ يَمُتْ، بَلْ عَايَنَ أَسْبَابَ الْمَوْتِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْمَوْتِ.
وَلَمَّا أَمَرَ تَعَالَى بِأَكْلِ الْحَلَالِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ، فَصَّلَ هُنَا أَنْوَاعَ الْحَرَامِ، وَأَسْنَدَ التَّحْرِيمَ إِلَى الْمَيْتَةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ هُوَ الْأَكْلُ، لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ، وَلِأَنَّ السَّابِقَ الْمُبَاحَ هُوَ الْأَكْلُ فِي قَوْلِهِ: كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ، كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ. فَالْمَمْنُوعُ هُنَا هُوَ الْأَكْلُ، وَهَكَذَا حَذْفُ الْمُضَافِ يُقَدَّرُ بِمَا يُنَاسِبُ. فَقَوْلُهُ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ [2] ، الْمَحْذُوفُ: وَطْءٌ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَطْءُ أُمَّهَاتِكُمْ، وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ [3] ، أَيْ وَطْءُ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ. فَسَائِرُ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ مُحَرَّمٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ، إِمَّا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَكْلِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْقِيَاسِ، وَإِمَّا بِدَلِيلِ سَمْعِيٍّ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَسْنَدَ التَّحْرِيمَ إِلَى الْمَيْتَةِ، وَمَا نَسَّقَ عَلَيْهَا وَعَلَّقَهُ بِعَيْنِهَا، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى تَأْكِيدِ حُكْمِ التَّحْرِيمِ وَتَنَاوُلِ سَائِرِ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ، فَلَا يُخَصُّ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ يَقْتَضِي جَوَازَ الِانْتِفَاعِ بِهِ، فَاسْتَنْبَطَ هَذَا الْقَوْلُ تَحْرِيمَ سَائِرِ الِانْتِفَاعَاتِ مِنَ اللَّفْظِ. وَالْأَظْهَرُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَخَصُّصِ الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ بِأَنَّهُ الْأَكْلُ.
وَظَاهِرُ لَفْظِ الْمَيْتَةِ يَتَنَاوَلُ الْعُمُومَ، وَلَا يُخَصُّ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ. قَالَ قَوْمٌ: خُصَّ هَذَا الْعُمُومُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [4] ، وبما
روي

[1] سورة البقرة: 2/ 19.
[2] سورة النساء: 4/ 23.
[3] سورة النساء: 4/ 24.
[4] سورة المائدة: 5/ 96.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست