responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 102
عَدَاوَتُهُ وَاسْتَبَانَتْ، فَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ لَا يُتَّبَعَ فِي شَيْءٍ وَأَنْ يُفَرَّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِكْرٌ إِلَّا فِي إِرْدَاءِ عَدُوِّهِ.
إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ: لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّهُ عَدُوٌّ، أَخَذَ يَذْكُرُ ثَمَرَةَ الْعَدَاوَةِ وَمَا نَشَأَ عَنْهَا، وَهُوَ أَمْرُهُ بِمَا ذَكَرَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي إِنَّمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ» .
وَفِي الْخِلَافِ فِيهَا، أَتُفِيدُ الْحَصْرَ أَمْ لَا؟ وَأَمْرُ الشَّيْطَانِ، إِمَّا بِقَوْلِهِ فِي زَمَنِ الْكَهَنَةِ وَحَيْثُ يُتَصَوَّرُ، وَإِمَّا بِوَسْوَسَتِهِ وَإِغْوَائِهِ. فَإِذَا أُطِيعَ، نَفَذَ أَمْرُهُ بِالسُّوءِ، أَيْ بِمَا يَسُوءُ فِي الْعُقْبَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السُّوءُ مَا لَا حَدَّ لَهُ. وَالْفَحْشَاءُ، قَالَ السُّدِّيُّ: هِيَ الزِّنَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
كُلُّ مَا بَلَغَ حَدَّا مِنَ الْحُدُودِ لِأَنَّهُ يَتَفَاحَشُ حِينَئِذٍ. وَقِيلَ: مَا تَفَاحَشَ ذِكْرُهُ. وَقِيلَ: مَا قَبُحَ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا. وَقَالَ طَاوُسٌ: مَا لَا يُعْرَفُ فِي شَرِيعَةٍ وَلَا سُنَّةٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ: هِيَ الْبُخْلُ.
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: يُرِيدُ بِهِ مَا حَرَّمُوا مِنَ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَنَحْوِهِ، وَجَعَلُوهُ شَرْعًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ قَوْلُهُمْ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ مِمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ. انْتَهَى. قِيلَ: وَظَاهِرُ هَذَا تَحْرِيمُ الْقَوْلِ فِي دِينِ اللَّهِ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ الْقَائِلُ مِنْ دِينِ اللَّهِ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الرَّأْيُ وَالْأَقْيِسَةُ وَالشَّبَهِيَّةُ وَالِاسْتِحْسَانُ. قَالُوا: وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى ذَمِّ مَنْ قَلَّدَ الْجَاهِلَ وَاتَّبَعَ حُكْمَهُ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ كَانَ الشَّيْطَانُ آمِرًا مَعَ قَوْلِهِ: لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ [2] ؟
قُلْتُ: شَبَّهَ تَزْيِينِهِ وَبَعْثَهُ عَلَى الشَّرِّ بِأَمْرِ الْآمِرِ، كَمَا تَقُولُ: أَمَرَتْنِي نَفْسِي بِكَذَا، وتحته رَمَزَ إِلَى أَنَّكُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْمُورِينَ لِطَاعَتِكُمْ لَهُ وَقَبُولِكُمْ وَسَاوِسَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ لَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ يُطْعِمُهَا وَيُعْطِيهَا مَا اشْتَهَتْ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا: الضَّمِيرُ فِي لَهُمْ عَائِدٌ عَلَى كَفَّارِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ هَذَا كَانَ وَصْفَهُمْ، وَهُوَ الِاقْتِدَاءُ بِآبَائِهِمْ، وَلِذَلِكَ قَالُوا لِأَبِي طَالِبٍ، حِينَ احْتُضِرَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ ذَكَّرُوهُ بِدِينِ أَبِيهِ وَمَذْهَبِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ، وَهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ اتِّبَاعًا لِأَسْلَافِهِمْ. وَقِيلَ: هُوَ عَائِدٌ عَلَى مَنْ، مِنْ قَوْلِهِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً [3] ، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: هُوَ عَائِدٌ عَلَى النَّاسِ مِنْ قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا

(1) سورة البقرة: 2/ 11. [.....]
[2] سورة الإسراء: 17/ 65.
[3] سورة البقرة: 2/ 165.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست