responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 95
نَفْسِ الْفِعْلِ، إِذْ هُوَ مَصِيرٌ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ وَإِمَّا لِمُوَافَقَةِ فَعَلَ نَحْوَ: قَدَرَ اللَّهُ وَقَدَّرَ، وَقَدْ تقدم ذكر معاني فعل. وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: وَمَا يَخْدَعُونَ، أَصْلُهَا يَخْتَدِعُونَ فَأُدْغِمَ، وَيَكُونُ افْتَعَلَ فِيهِ مُوَافِقًا لِفَعَلَ نَحْوُ: اقْتَدَرَ عَلَى زَيْدٍ، وَقَدَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْمَعَانِي الَّتِي جَاءَتْ لَهَا افْتَعَلَ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ مَعْنَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وَما يَشْعُرُونَ: جُمْلَةٌ معطوفة على: وَمَا يُخَادِعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ، فَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ، وَمَفْعُولُ يَشْعُرُونَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ إِطْلَاعُ اللَّهِ نَبِيَّهُ عَلَى خِدَاعِهِمْ وَكَذِبِهِمْ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ تَقْدِيرُهُ هَلَاكُ أَنْفُسِهِمْ وَإِيقَاعِهَا فِي الشَّقَاءِ الْأَبَدِيِّ بِكُفْرِهِمْ وَنِفَاقِهِمْ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَمَا يَشْعُرُونَ:
جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ تَقْدِيرُهُ وَمَا يُخَادِعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ غَيْرَ شَاعِرِينَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ لَوْ شَعَرُوا أَنَّ خِدَاعَهُمْ لِلَّهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا هُوَ خِدَاعٌ لِأَنْفُسِهِمْ لَمَّا خَادَعُوا اللَّهَ وَالْمُؤْمِنِينَ. وَجَاءَ: يُخَادِعُونَ اللَّهَ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ لَا بِلَفْظِ الْمَاضِي لِأَنَّ الْمُضِيَّ يُشْعِرُ بِالِانْقِطَاعِ بِخِلَافِ الْمُضَارِعِ، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ أَوِ الْمَدْحِ بِالدَّيْمُومَةِ، نَحْوُ: زَيْدٌ يَدُعُّ الْيَتِيمَ، وَعَمْرٌو يَقْرِي الضَّيْفَ.
وَالْقُرَّاءُ عَلَى فَتْحِ رَاءِ مَرَضَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِلَّا الْأَصْمَعِيَّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، فَإِنَّهُ قَرَأَ بِالسُّكُونِ فِيهِمَا، وَهُمَا لُغَتَانِ كَالْحَلَبِ وَالْحَلْبِ، وَالْقِيَاسُ الْفَتْحُ، وَلِهَذَا قَرَأَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَرَضِ الْحَقِيقَةُ، وَأَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي هُوَ الْفَسَادُ أَوِ الظُّلْمَةُ أَوِ الضَّعْفُ أَوِ الْأَلَمُ كَائِنٌ فِي قُلُوبِهِمْ حَقِيقَةً، وَسَبَبُ إِيجَادِهِ فِي قُلُوبِهِمْ هُوَ ظُهُورُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتْبَاعِهِ، وَفُشُوُّ الْإِسْلَامِ وَنَصْرُ أَهْلِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَجَازُ، فَيَكُونُ قَدْ كَنَّى بِهِ عَمَّا حَلَّ الْقَلْبَ مِنَ الشَّكِّ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَوْ عَنِ الْحَسَدِ وَالْغِلِّ، كَمَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بن سَلُولَ، أَوْ عَنِ الضَّعْفِ وَالْخَوْرِ لِمَا رَأَوْا مِنْ نَصْرِ دِينِ اللَّهِ وَإِظْهَارِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ أَوْلَى لِأَنَّ قُلُوبَهُمْ لَوْ كَانَ فِيهَا مَرَضٌ لَكَانَتْ أَجْسَامُهُمْ مَرِيضَةً بِمَرَضِهَا، أَوْ كَانَ الْحِمَامُ عَاجَلَهُمْ، قَالَ: بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ يَشْهَدُ لِهَذَا الْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ وَالْقَانُونُ الطِّبِّيُّ، أَمَّا الْحَدِيثُ،
فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي جَسَدِ ابْنِ آدَمَ لَمُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ جَمِيعُهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ جَمِيعُهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» .
وَأَمَّا الْقَانُونُ الطِّبِّيُّ، فَإِنَّ الْحُكَمَاءَ وَصَفُوا الْقَلْبَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ عِلْمُ التَّشْرِيحِ، ثُمَّ قَالُوا: إِذَا حَصَلَتْ فِيهِ مَادَّةٌ غَلِيظَةٌ، فَإِنْ تَمَلَّكَتْ مِنْهُ وَمِنْ غُلَافِهِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَا يَبْقَى مَعَ ذَلِكَ حَيَاةٌ وَعَاجَلَتِ الْمَنِيَّةُ صَاحِبَهُ، وَرُبَّمَا تَأَخَّرَتْ تَأْخِيرًا يَسِيرًا، وَإِنْ لَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْهُ الْمَادَّةُ الْمُنْصَبَّةُ إِلَيْهِ وَلَا مِنْ غُلَافِهِ، أُخِّرَتِ الْحَيَاةُ مُدَّةً يَسِيرَةً؟ وَقَالُوا: لَا سَبِيلَ إِلَى بَقَاءِ الْحَيَاةِ مَعَ مَرَضِ الْقَلْبِ، وَعَلَى هَذَا الَّذِي تَقَرَّرَ لَا تَكُونُ قُلُوبُهُمْ مَرِيضَةً حَقِيقَةً. وَقَدْ تَلَخَّصَ فِي الْقُرْآنِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست