responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 80
شَيْئًا مِنَ الْحَقِّ وَلَا تَعِيهِ لِإِعْرَاضِهَا عَنْهُ، فَاسْتَعَارَ الشيء المحسوس والشيء الْمَعْقُولِ، أَوْ مَثَّلَ الْقَلْبَ بِالْوِعَاءِ الَّذِي خُتِمَ عَلَيْهِ صَوْنًا لِمَا فِيهِ وَمَنْعًا لِغَيْرِهِ مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهِ. وَالْأَوَّلُ: مَجَازُ الِاسْتِعَارَةِ، وَالثَّانِي: مَجَازُ التَّمْثِيلِ. وَنُقِلَ عَمَّنْ مَضَى أَنَّ الْخَتْمَ حَقِيقَةٌ وَهُوَ انْضِمَامُ الْقَلْبِ وَانْكِمَاشُهُ، قَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا أَذْنَبْتَ ضُمَّ مِنَ الْقَلْبِ هَكَذَا، وَضَمَّ مُجَاهِدٌ الْخِنْصَرَ، ثُمَّ إِذَا أَذْنَبْتَ ضُمَّ هَكَذَا، وَضَمَّ الْبِنْصِرَ، ثُمَّ هَكَذَا إِلَى الْإِبْهَامِ، وَهَذَا هُوَ الْخَتْمُ وَالطَّبْعُ وَالرَّيْنُ. وَقِيلَ: الْخَتْمُ سِمَةٌ تَكُونُ فِيهِمْ تَعْرِفُهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: حَفِظَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ لِيُجَازِيَهُمْ. وَقِيلَ: الشَّهَادَةُ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِمَا فِيهَا مِنَ الْكُفْرِ وَنِسْبَةُ الْخَتْمِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَيِّ مَعْنَى فُسِّرَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، إِذْ هُوَ إِسْنَادٌ إِلَى الْفَاعِلِ الْحَقِيقِيِّ، إِذِ اللَّهُ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ.
وَقَدْ تَأَوَّلَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ هَذَا الْإِسْنَادَ، إِذْ مَذْهَبُهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَخْلُقُ الْكُفْرَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَالْوُصُولِ إِلَيْهِ، إِذْ ذَاكَ قَبِيحٌ وَاللَّهُ تَعَالَى يَتَعَالَى عَنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ، وَذَكَرَ أَنْوَاعًا مِنَ التَّأْوِيلِ عَشَرَةً، مُلَخَّصُهَا: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْخَتْمَ كَنَّى بِهِ عَنِ الْوَصْفِ الَّذِي صَارَ كَالْخُلُقِيِّ وَكَأَنَّهُمْ جُبِلُوا عَلَيْهِ وَصَارَ كَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بهم ذلك. الثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ كَقَوْلِهِمْ: طَارَتْ بِهِ الْعَنْقَاءُ، إِذَا أَطَالَ الْغَيْبَةَ، وَكَأَنَّهُمْ مُثِّلَتْ حَالُ قُلُوبِهِمْ بِحَالِ قُلُوبٍ خَتَمَ اللَّهُ عَلَيْهَا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ نَسَبَهُ إِلَى السَّبَبِ لَمَّا كَانَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَقْدَرَ الشَّيْطَانَ وَمَكَّنَهُ أَسْنَدَ إِلَيْهِ الْخَتْمَ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا مَقْطُوعًا بِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ طَوْعًا وَلَمْ يَبْقَ طَرِيقُ إِيمَانِهِمْ إِلَّا بِإِلْجَاءٍ وَقَسْرٍ وَتَرْكُ الْقَسْرِ عَبَّرَ عَنْ تَرْكِهِ بِالْخَتْمِ. الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ حِكَايَةً لِمَا يَقُولُهُ الْكُفَّارُ تَهَكُّمًا كَقَوْلِهِمْ:
قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ. السَّادِسُ: أَنَّ الْخَتْمَ مِنْهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ هُوَ الشَّهَادَةُ مِنْهُ بِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ.
السَّابِعُ: أَنَّهَا فِي قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا عِقَابًا عَاجِلًا، كَمَا عَجَّلَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْكُفَّارِ عُقُوبَاتٍ فِي الدُّنْيَا. الثَّامِنُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَعَلَهُ بِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ لِضِيقِ صُدُورِهِمْ عُقُوبَةً غَيْرَ مَانِعَةٍ مِنَ الْإِيمَانِ. التَّاسِعُ: أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا [1] . الْعَاشِرُ: مَا حُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ، وَالْقَاضِي، أَنَّ ذَلِكَ سِمَةٌ وَعَلَامَةٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قَلْبِ الْكَافِرِ وَسَمْعِهِ، تَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَنَّهُمْ كُفَّارٌ وَأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ. انْتَهَى مَا قَالَهُ الْمُعْتَزِلَةُ. وَالْمَسْأَلَةُ يُبْحَثُ عَنْهَا فِي أُصُولِ الدِّينِ. وَقَدْ وَقَعَ قَوْلُهُ: وَعَلى سَمْعِهِمْ بَيْنَ شَيْئَيْنِ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ السَّمْعُ مَحْكُومًا عَلَيْهِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أشرك في

[1] سورة الإسراء: 17/ 97.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست