responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 71
بِالْفَاعِلِ، نَحْوَ: أُنْزِلَ الْمَطَرُ، وَبِنَاؤُهُمَا لِلْفَاعِلِ فِي قِرَاءَةِ النَّخَعِيِّ، وَأَبِي حَيْوَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ قُطَيْبٍ، فَاعِلُهُ مُضْمَرٌ، قِيلَ: اللَّهُ أَوْ جِبْرِيلُ. قَالُوا: وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ عِنْدِي مِنَ الِالْتِفَاتِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ، فَخَرَجَ مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ إِلَى ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ، إِذْ لَوْ جَرَى عَلَى الْأَوَّلِ لَجَاءَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ، وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ، وَجَعَلَ صِلَةَ مَا الْأُولَى مَاضِيَةً لِأَنَّ أَكْثَرَهُ كَانَ نَزَلَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَأَقَامَ الْأَكْثَرُ مَقَامَ الْجَمِيعِ، أَوْ غُلِّبَ الْمَوْجُودُ لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِالْمُتَقَدِّمِ الْمَاضِي يَقْتَضِي الْإِيمَانَ بِالْمُتَأَخِّرِ، لِأَنَّ مُوجِبَ الْإِيمَانِ وَاحِدٌ. وَأَمَّا صِلَةُ الثَّانِيَةِ فَمُتَحَقِّقَةُ الْمُضِيِّ وَلَمْ يُعَدْ حَرْفُ الْجَرِّ فيما الثَّانِيَةِ لِيَدُلَّ أَنَّهُ إِيمَانٌ وَاحِدٌ، إِذْ لَوْ أَعَادَ لَأَشْعَرَ بِأَنَّهُمَا إِيمَانَانِ.
وَبِالْآخِرَةِ: تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِهَا الدَّارُ الْآخِرَةُ لِلتَّصْرِيحِ بِالْمَوْصُوفِ فِي بَعْضِ الْآيِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى النَّشْأَةِ الْآخِرَةِ، إِذْ قَدْ جَاءَ أَيْضًا مُصَرَّحًا بِهَذَا الْمَوْصُوفِ، وَكِلَاهُمَا يَدُلُّ عَلَى الْبَعْثِ. وَأَكَّدَ أَمْرَ الْآخِرَةِ بِتَعَلُّقِ الْإِيقَانِ بِهَا الَّذِي هُوَ أَجْلَى وَآكَدُ مَرَاتِبِ الْعِلْمِ وَالتَّصْدِيقِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ لَا تَفَاوُتَ فِي الْعِلْمِ وَالتَّصْدِيقِ دَفْعًا لِمَجَازِ إِطْلَاقِ الْعِلْمِ، وَيُرَادُ بِهِ الظَّنُّ، فَذَكَرَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْعِلْمَ بِالْآخِرَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا إِيقَانًا لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنَ الشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ. وَغَايَرَ بَيْنَ الْإِيمَانِ بِالْمُنَزَّلِ وَالْإِيمَانِ بِالْآخِرَةِ فِي اللَّفْظِ لِزَوَالِ كُلْفَةِ التَّكْرَارِ، وَكَانَ الْإِيقَانُ هُوَ الَّذِي خُصَّ بِالْآخِرَةِ لِكَثْرَةِ غَرَائِبِ مُتَعَلِّقَاتِ الْآخِرَةِ، وَمَا أُعِدَّ فِيهَا مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ السَّرْمَدِيَّيْنِ، وَتَفْصِيلُ أَنْوَاعِ التَّنْعِيمِ وَالتَّعْذِيبِ، وَنَشْأَةُ أَصْحَابِهَا عَلَى خِلَافِ النَّشْأَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَرُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى. فَالْآخِرَةُ أَغْرَبُ فِي الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ مِنَ الْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ، فَلِذَلِكَ خَصَّ بِلَفْظِ الْإِيقَانِ، وَلِأَنَّ الْمُنَزَّلَ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مُشَاهَدٌ أَوْ كَالْمُشَاهَدِ، وَالْآخِرَةُ غَيْبٌ صِرْفٌ، فَنَاسَبَ تَعْلِيقَ الْيَقِينِ بِمَا كَانَ غَيْبًا صِرْفًا. قَالُوا: وَالْإِيقَانُ هُوَ الْعِلْمُ الْحَادِثُ سَوَاءٌ كَانَ ضَرُورِيًّا أَوِ اسْتِدْلَالِيًّا، فَلِذَلِكَ لَا يُوصَفُ بِهِ الْبَارِي تَعَالَى، لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ الْمُوقِنُ وَقُدِّمَ الْمَجْرُورُ اعْتِنَاءً بِهِ وَلِتَطَابُقِ الْأَوَاخِرِ. وَإِيرَادُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ اسْمِيَّةً وَإِنْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ آكَدُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ هَؤُلَاءِ بِالْإِيقَانِ، لِأَنَّ قَوْلَكَ: زَيْدٌ فَعَلَ آكَدُ مِنْ فَعَلَ زَيْدٌ لِتَكْرَارِ الِاسْمِ فِي الْكَلَامِ بِكَوْنِهِ مُضْمَرًا، وَتَصْدِيرِهِ مُبْتَدَأٌ يُشْعِرُ بِالِاهْتِمَامِ بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ التَّقْدِيمَ لِلْفِعْلِ مُشْعِرٌ بِالِاهْتِمَامِ بِالْمَحْكُومِ بِهِ. وَذَكَرَ لَفْظَةَ هُمْ فِي قَوْلِهِ: هُمْ يُوقِنُونَ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَةَ هُمْ فِي قَوْلِهِ: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ لِأَنَّ وَصْفَ إِيقَانِهِمْ بِالْآخِرَةِ أَعْلَى مِنْ وَصْفِهِمْ بِالْإِنْفَاقِ، فَاحْتَاجَ هَذَا إِلَى التَّوْكِيدِ وَلَمْ يَحْتَجْ ذَلِكَ إِلَى تَأْكِيدٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ ذَكَرَهُمْ هُنَاكَ لَكَانَ فِيهِ قَلَقٌ لَفْظِيٌّ، إِذْ كَانَ يَكُونُ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ هُمْ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست