responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 64
تَشْفِي الصُّدَاعَ وَلَا يُؤْذِيكَ طَالِبُهَا ... وَلَا يُخَالِطُهَا فِي الرَّأْسِ تَدْوِيمٌ
وَأَبْعَدُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ: لَا رَيْبَ صِيغَةُ خَبَرٍ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ الرَّيْبِ. وَجَوَّزُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ أَنْ يَكُونَ هُدًى فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَفِيهِ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، أَوِ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أي هُوَ هُدًى، أَوْ عَلَى فِيهِ مُضْمَرَةً إِذَا جَعَلْنَا فِيهِ مِنْ تَمَامِ لَا رَيْبَ، أَوْ خَبَرٍ بَعْدَ خَبَرٍ فَتَكُونُ قَدْ أَخْبَرْتَ بِالْكِتَابِ عَنْ ذَلِكَ، وَبِقَوْلِهِ لَا رَيْبَ فِيهِ، ثُمَّ جَاءَ هَذَا خَبَرًا ثَالِثًا، أَوْ كَانَ الْكِتَابُ تَابِعًا وَهُدًى خَبَرٌ ثَانٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْإِعْرَابِ، أَوْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَبُولِغَ بِجَعْلِ الْمَصْدَرِ حَالًا وَصَاحِبُ الْحَالِ اسْمُ الْإِشَارَةِ، أَوِ الْكِتَابُ، وَالْعَامِلُ فِيهَا عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَعْنَى الْإِشَارَةِ أَوِ الضَّمِيرِ فِي فِيهِ، وَالْعَامِلُ مَا فِي الظَّرْفِ مِنَ الِاسْتِقْرَارِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْحَالَ تَقْيِيدٌ، فَيَكُونُ انْتِقَالُ الرَّيْبِ مُقَيَّدًا بِالْحَالِ إِذْ لَا رَيْبَ فِيهِ يَسْتَقِرُّ فِيهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، لَكِنْ يُزِيلُ الْإِشْكَالَ أَنَّهَا حَالٌ لَازِمَةٌ.
وَالْأَوْلَى: جَعْلُ كُلِّ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، فَذَلِكَ الْكِتَابُ جُمْلَةٌ، وَلَا رَيْبَ جُمْلَةٌ، وَفِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ جُمْلَةٌ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى حَرْفِ عَطْفٍ لِأَنَّ بَعْضَهَا آخِذٌ بِعُنُقِ بَعْضٍ. فَالْأُولَى أَخْبَرَتْ بِأَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُوَ الْكِتَابُ الْكَامِلُ، كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ الرَّجُلُ، أَيِ الْكَامِلُ فِي الْأَوْصَافِ. وَالثَّانِيَةُ نَعْتٌ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مَا مِنْ رَيْبَ. وَالثَّالِثَةُ أَخْبَرَتْ أَنَّ فِيهِ الْهُدَى لِلْمُتَّقِينَ. وَالْمَجَازُ إِمَّا فِي فِيهِ هُدًى، أَيِ اسْتِمْرَارُ هُدًى لِأَنَّ الْمُتَّقِينَ مُهْتَدُونَ فَصَارَ نَظِيرَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ، وَإِمَّا فِي الْمُتَّقِينَ أَيِ الْمُشَارِفِينَ لِاكْتِسَابِ التَّقْوَى، كَقَوْلِهِ:
إِذَا مَا مَاتَ مَيِّتُ مِنْ تَمِيمٍ وَالْمُتَّقِي فِي الشَّرِيعَةِ هُوَ الَّذِي يَقِي نَفْسَهُ أَنْ يَتَعَاطَى مَا تُوُعِّدَ عَلَيْهِ بِعُقُوبَةٍ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ، وَهَلِ التَّقْوَى تَتَنَاوَلُ اجْتِنَابَ الصَّغَائِرِ؟ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ. وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ وَالْكَافِرِينَ، فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، وَخَصَّ الْمُتَّقِينَ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُمْ. وَمَضْمُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ مِنَ الْإِعْرَابِ، الْإِخْبَارُ عَنِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ الَّذِي هُوَ الطَّرِيقُ الْمُوَصِّلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، هُوَ الْكِتَابُ أَيِ الْكَامِلُ فِي الْكُتُبِ، وَهُوَ المنزل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَالَ فِيهِ مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ [1] ، فَإِذَا كَانَ جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ فِيهِ، فَلَا كِتَابَ أَكْمَلُ مِنْهُ، وَأَنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ رَيْبٌ وَأَنَّهُ فِيهِ الْهُدَى. فَفِي الْآيَةِ الْأُولَى الْإِتْيَانُ بِالْجُمْلَةِ كَامِلَةَ الْأَجْزَاءِ حَقِيقَةً لَا مَجَازَ فِيهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ مجازا لحذف لأنا

[1] سورة الأنعام: 6/ 38. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست