responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 61
وحم وَأَخَوَاتُهَا إِلَّا حم عسق فإنها آيتان وكهيعص آيَةُ، وَأَمَّا المر وَأَخَوَاتُهَا فَلَيْسَتْ بِآيَةٍ، وَكَذَلِكَ طس وص وق ون وَالْقَلَمِ وق وص حُرُوفٌ دَلَّ كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا عَلَى كَلِمَةٍ، وَجَعَلَوْا الْكَلِمَةَ آيَةً، كَمَا عَدُّوا: الرَّحْمنُ ومُدْهامَّتانِ آيَتَيْنِ.
وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ آيَةً. وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ الِاقْتِصَارَ عَلَى هَذِهِ الْحُرُوفِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ الِاقْتِصَارَ كَانَ لِوُجُوهٍ ذَكَرُوهَا لَا يَقُومُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا بِرِهَانٌ فَتَرَكْتُ ذِكْرَهَا. وَذَكَرُوا أَنَّ التَّرْكِيبَ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ انْتَهَى إِلَى خَمْسَةٍ، وَهُوَ:
كهيعص، لِأَنَّهُ أَقْصَى مَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُ الِاسْمُ الْمُجَرَّدُ، وَقَطَعَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ أَلِفٌ لَامٌ مِيمٌ حَرْفًا حَرْفًا بِوَقْفَةٍ وَقْفَةٍ، وَكَذَلِكَ سَائِرَ حُرُوفِ التَّهَجِّي مِنَ الْفَوَاتِحِ، وَبَيْنَ النُّونِ مِنْ طسم وَيس وَعسق وَنُونٍ إِلَّا فِي طس تِلْكَ فَإِنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ، وَذَلِكَ اسْمُ مُشَارٍ بَعِيدٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي قَوْلِهِ ذلِكَ الْكِتابُ عَلَى بَابِهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى إِطْلَاقِهِ بِمَعْنَى هَذَا، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَيَكُونُ لِلْقَرِيبِ، فَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى مَوْضُوعِهِ فَالْمُشَارِ إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِمَكَّةَ مِنَ الْقُرْآنِ، قَالَهُ ابْنُ كَيْسَانَ وَغَيْرُهُ، أَوِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ، أَوْ مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، أَوْ مَا وَعَدَ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ أَنَّهُ يُنَزِّلُ إِلَيْهِ كِتَابًا لَا يَمْحُوهُ الْمَاءُ وَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَوِ الْكِتَابُ الَّذِي وَعَدَ بِهِ يَوْمَ الْمِيثَاقِ، قَالَهُ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، أَوِ الْكِتَابُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، قَالَهُ ابْنُ رِئَابٍ، أَوِ الَّذِي لَمْ يَنْزِلْ مِنَ الْقُرْآنِ، أَوِ الْبُعْدُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْغَايَةِ الَّتِي بَيْنَ الْمُنْزَلِ وَالْمُنْزَلِ إِلَيْهِ، أَوْ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ الَّتِي تَحَدَّيْتُكُمْ بِالنَّظْمِ مِنْهَا.
وَسَمِعْتُ الْأُسْتَاذَ أَبَا جَعْفَرِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الزُّبَيْرِ شَيْخَنَا يَقُولُ: ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الصِّرَاطِ فِي قَوْلِهِ: اهْدِنَا الصِّراطَ «1»
، كَأَنَّهُمْ لَمَّا سَأَلُوا الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ قِيلَ لَهُمْ: ذَلِكَ الصِّرَاطُ الَّذِي سَأَلْتُمُ الْهِدَايَةَ إِلَيْهِ هُوَ الْكِتَابُ. وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ تَبَيَّنَ وَجْهُ ارْتِبَاطِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِسُورَةِ الْحَمْدِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَولَى لِأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى شَيْءٍ سَبَقَ ذِكْرُهُ، لَا إِلَى شَيْءٍ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ، وَقَدْ رَكَّبُوا وُجُوهًا مِنَ الْإِعْرَابِ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ الْكِتابُ لَا رَيْبَ فِيهِ.
وَالَّذِي نَخْتَارُهُ مِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ: ذلِكَ الْكِتابُ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ، لِأَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى غَيْرِ إِضْمَارٍ وَلَا افْتِقَارٍ، كَانَ أَولَى أَنْ يَسْلُكَ بِهِ الْإِضْمَارَ وَالِافْتِقَارَ، وَهَكَذَا تَكُونُ عَادَتُنَا فِي إِعْرَابِ الْقُرْآنِ، لَا نَسْلُكُ فِيهِ إِلَّا الْحَمْلَ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ، وَأَبْعَدِهَا مِنَ التَّكَلُّفِ، وَأَسْوَغِهَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. وَلَسْنَا كَمَنْ جَعَلَ كَلَامَ اللَّهِ تعالى كشعر امرئ

(1) سورة الفاتحة: 1/ 6.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست