responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 562
فَنِيَامٌ: جَمْعُ نَائِمٍ، وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي يُفْصَلُ بَيْنَ مُذَكَّرِهَا وَمُؤَنَّثِهَا بِالتَّاءِ، وَقَدَّمَ هُودًا عَلَى نَصَارَى لِتَقَدُّمِهَا فِي الزَّمَانِ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ: إِلَّا مَنْ كَانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَحَمَلَ الِاسْمَ وَالْخَبَرَ مَعًا عَلَى اللَّفْظِ، وَهُوَ الْإِفْرَادُ وَالتَّذْكِيرُ.
تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ: جُمْلَةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ قَوْلِهِمْ ذَلِكَ وَطَلَبَ الدَّلِيلَ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُمْ. وَتِلْكَ يُشَارُ بِهَا إِلَى الْوَاحِدَةِ الْمُفْرَدَةِ، وَإِلَى الْجَمْعِ غَيْرِ الْمُسَلَّمِ مِنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، فَحَمَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى الْجَمْعِ قَالَ: أُشِيرَ بِهَا إِلَى الْأَمَانِيِّ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ أُمْنِيَّتُهُمْ أَنْ لَا يَنْزِلَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ خَيْرٌ مِنْ رَبِّهِمْ، وَأُمْنِيَّتُهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُمْ كُفَّارًا، وَأُمْنِيَّتُهُمْ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْجَنَّةَ غَيْرُهُمْ، أَيْ تِلْكَ الْأَمَانِيُّ الْبَاطِلَةُ أَمَانِيُّهُمْ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، لِأَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ ذُكِرَ فِيهَا وِدُّهُمْ لِشَيْءٍ، فَقَدِ انْفَصَلَتْ وَكُمِّلَتْ وَاسْتَقَلَّتْ فِي النُّزُولِ، فَيَبْعُدُ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهَا. وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي فَفِيهِ مَجَازُ الْحَذْفِ، وَفِيهِ قَلْبُ الْوَضْعِ، إِذِ الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ تِلْكَ مبتدأ، وأمانيهم خبر. فَقَلَبَ هُوَ الْوَضْعَ، إِذْ قَالَ: أَنَّ أَمَانِيَّهُمْ فِي الْبُطْلَانِ مِثْلُ أُمْنِيَّتِهِمْ هَذِهِ. وَفِيهِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْخَبَرُ مُشَبَّهًا بِهِ الْمُبْتَدَأُ، فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ، مِثْلُ: زَيْدٍ زُهَيْرٌ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ النَّحْوِيُّونَ. فَإِنَّ تَقَدُّمَ مَا هُوَ أَصْلٌ فِي أَنْ يُشَبَّهَ بِهِ، كَانَ مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ وَمِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ، إِذْ جُعِلَ الْفَرْعُ أَصْلًا وَالْأَصْلُ فَرْعًا كَقَوْلِكَ: الْأَسَدُ زَيْدٌ شَجَاعَةً، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ تِلْكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَقَالَتِهِمْ: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، أَيْ تِلْكَ الْمَقَالَةُ أَمَانِيُّهُمْ، أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ عَنْ تَحْقِيقٍ وَلَا دَلِيلٍ على مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا مِنْ أَخْبَارٍ مِنْ رَسُولٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّمَنِّي. وَإِنْ كَانُوا هُمْ حازمين بِمَقَالَتِهِمْ، لَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ عَنْ بُرْهَانٍ، كَانَتْ أَمَانِيَّ، وَالتَّمَنِّي يَقَعُ بِالْجَائِزِ وَالْمُمْتَنِعِ. فَهَذَا مِنَ الْمُمْتَنِعِ، وَلِذَلِكَ أَتَى بِلَفْظِ الْأَمَانِيِّ، وَلَمْ يَأْتِ بِلَفْظِ مَرْجُوَّاتِهِمْ، لِأَنَّ الرَّجَاءَ يَتَعَلَّقُ بِالْجَائِزِ، تَقُولُ:
لَيْتَنِي طَائِرٌ، وَلَا يَجُوزُ، لَعَلَّنِي طَائِرٌ، وَإِنَّمَا أُفْرِدَ الْمُبْتَدَأُ لَفْظًا، لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْمَقَالَةِ، وَالْمَقَالَةُ مَصْدَرٌ يَصْلُحُ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَأُرِيدَ بِهَا هُنَا الْكَثِيرُ بِاعْتِبَارِ الْقَائِلِينَ، وَلِذَلِكَ جُمِعَ الْخَيْرُ، فَطَابَقَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فِي الْجَمْعِيَّةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْأَمَانِيِّ فِي قَوْلِهِ:
لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ [1] ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: تِلْكَ أَكَاذِيبُهُمْ وَأَبَاطِيلُهُمْ، أَوْ تِلْكَ مُخْتَارَاتُهُمْ وَشَهَوَاتُهُمْ، أَوْ تِلْكَ تِلَاوَاتُهُمْ.
قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ: لَمَّا تَقَدَّمَ مِنْهُمُ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ ذَكَرُوا، طُولِبُوا بِالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُمْ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أن من ادعى نفيا أو

[1] سورة البقرة: 2/ 78.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 562
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست