responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 560
الْحَقِّ وَبِالْإِحْسَانِ إِلَى الْخَلْقِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهِ هُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِيَحُطَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَيْلِهِمْ إِلَى قَوْلِ الْيَهُودِ: رَاعِنَا، لِأَنَّ ذَلِكَ نَهْيٌ عَنْ نَوْعِهِ، ثُمَّ أَمَرَ المؤمنون بِمَا يَحُطُّهُ.
انْتَهَى كَلَامُهُ. وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ الظُّهُورُ.
وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ: لَمَّا قَدَّمَ الْأَمْرَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ أَتَى بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ عَامَّةً لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ، فَيَنْدَرِجُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَغَيْرُهُمَا.
وَالْقَوْلُ فِي إِعْرَابِ مَا وَمِنْ خَيْرٍ، كَالْقَوْلِ فِي إِعْرَابِ: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ، مِنْ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا مَفْعُولَةً، وَمِنْ خَيْرٍ: حَالٌ أَوْ مَصْدَرٌ، وَمِنْ خَيْرٍ: مَفْعُولٌ، أَوْ مَفْعُولَةٌ، وَمِنْ خَيْرٍ:
تَمْيِيزٌ أَوْ مَفْعُولَةٌ، وَمِنْ خَيْرٍ، تَبْعِيضِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ. لِأَنْفُسِكُمْ: مُتَعَلِّقٌ بِتُقَدِّمُوا، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ لِنَجَاةِ أَنْفُسِكُمْ وَحَيَاتِهَا، قَالَ تَعَالَى: يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي [1] . وَقَدْ فُسِّرَ الْخَيْرُ هُنَا بِالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ، وَالْأَظْهَرُ الْعُمُومُ تَجِدُوهُ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَالْهَاءُ عَائِدَةٌ عَلَى مَا، وَالْخُيُورُ الْمُتَقَدِّمَةُ هِيَ أَفْعَالٌ مُنْقَضِيَةٌ. وَنَفْسُ ذَلِكَ الْمُنْقَضِي لَا يُوجَدُ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ تَجِدُوا ثَوَابَهُ. فَجَعَلَ وُجُوبَ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ وُجُودًا لَهُ، وَتَجِدُوهُ مُتَعَدٍّ إِلَى وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْإِصَابَةِ. وَالْعَامِلُ فِي قَوْلِهِ: عِنْدَ اللَّهِ، إِمَّا نَفْسُ الْفِعْلِ، أَوْ مَحْذُوفٌ، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ، أَيْ تَجِدُوهُ مُدَّخَرًا وَمُعَدًّا عِنْدَ اللَّهِ. وَالظَّرْفِيَّةُ هنا المكانية مُمْتَنِعَةٌ، وَإِنَّمَا هِيَ مَجَازٌ بِمَعْنَى الْقَبْلِ، كَمَا تَقُولُ لَكَ:
عِنْدِي يَدٌ، أَيْ فِي قَبْلِي، أَوْ بِمَعْنَى فِي عِلْمِ اللَّهِ نَحْوُ: وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ [2] ، أَيْ فِي عِلْمِهِ وَقَضَائِهِ، أَوْ بِمَعْنَى الِاخْتِصَاصِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا كَقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ» .
إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ: الْمَجِيءُ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْلَالِ الْجُمَلِ، فَلِذَلِكَ جَاءَ إِنَّ اللَّهَ، وَلَمْ يجىء إِنَّهُ، مَعَ إِمْكَانِ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ. وَهَذِهِ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ ظَاهِرَةُ التَّنَاسُبِ فِي خَتْمِ مَا قَبْلَهَا بِهَا، تَتَضَمَّنُ الْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ. وَكَنَّى بِقَوْلِهِ: بَصِيرٌ عَنْ عِلْمِ الْمُشَاهَدِ، أَيْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ عَمَلَ عَامِلٍ وَلَا يُضَيِّعُهُ، وَمَنْ كَانَ مُبْصِرًا لِفِعْلِكَ، لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ، هَلْ هُوَ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ، وَأَتَى بِلَفْظِ بَصِيرٌ دون مبصرا، إِمَّا لِأَنَّهُ مِنْ بَصُرَ، فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى التَّمَكُّنِ وَالسَّجِيَّةِ فِي حَقِّ الْإِنْسَانِ، أَوْ لِأَنَّهُ فَعِيلٌ لِلْمُبَالِغَةِ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ، الَّذِي هُوَ لِلتَّكْثِيرِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ، كَالسَّمِيعِ بِمَعْنَى الْمُسْمِعِ، قَالَ بَعْضُ الصوفية: على

[1] سورة الفجر: 89/ 24.
[2] سورة الحج: 22/ 47.
(3) سورة الأعراف: 7/ 206.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 560
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست