responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 526
عَدُوًّا، وَالْحَبِيبِ بَغِيضًا. كَمَا أُطْلِقَ عَلَى حُسْنِ التَّوَسُّلِ بِاللَّفْظِ الرَّائِقِ الْعَذْبِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِمَالَةِ، وَسُمِّيَ: سِحْرًا حَلَالًا.
وَقَدْ رُوِيَ إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا
، وَقَالَ:
وَحَدِيثُهَا السِّحْرُ الْحَلَالُ لَوَ انَّهُ ... لَمْ يَجْنِ قتل المسلم المنحرز
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ: أَنَّهُمْ يُفَهِّمُونَهُمْ إِيَّاهُ بِالْإِقْرَاءِ وَالتَّعْلِيمِ.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى يَدُلُّونَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْكُتُبِ، فَأَطْلَقَ عَلَى الدَّلَالَةِ تَعْلِيمًا، تسمية للمسبب بالسبب. وقيل: الْمَعْنَى يُوَقِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهَا حَقٌّ، تَضُرُّ وَتَنْفَعُ، وَأَنَّ سُلَيْمَانَ إِنَّمَا تَمَّ لَهُ مَا تَمَّ بِذَلِكَ، وَهَذَا أَيْضًا تَسْمِيَةٌ لِلْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ. وَقِيلَ: يُعَلِّمُونَ مَعْنَاهُ يُعْلِمُونَ، أَيْ يُعْلِمُونَهُمْ بِمَا يَتَعَلَّمُونَ بِهِ السِّحْرَ، أَوْ بِمَنْ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ وَلَمْ يُعَلِّمُوهُمْ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْإِعْلَامِ لَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيمِ. وَأَمَّا حُكْمُ السِّحْرِ، فَمَا كَانَ مِنْهُ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ مِنَ الْكَوَاكِبِ وَالشَّيَاطِينِ، وَإِضَافَةِ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ إِلَيْهَا، فَهُوَ كُفْرٌ إِجْمَاعًا، لَا يَحِلُّ تَعَلُّمُهُ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ.
وَكَذَا مَا قُصِدَ بِتَعَلُّمِهِ سَفْكُ الدِّمَاءِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْأَصْدِقَاءِ. وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ يُحْتَمَلُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ تَعَلُّمُهُ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ. وَمَا كَانَ مِنْ نَوْعِ التَّحَيُّلِ وَالتَّخْيِيلِ وَالدَّكِّ وَالشَّعْبَذَةِ، فَإِنْ قَصَدَ بِتَعْلِيمِهِ الْعَمَلَ بِهِ وَالتَّمْوِيهَ عَلَى النَّاسِ، فَلَا يَنْبَغِي تَعَلُّمُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْبَاطِلِ. وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مَعْرِفَتَهُ لِئَلَّا تَتِمَّ عَلَيْهِ مَخَايِلُ السَّحَرَةِ وَخُدَعُهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِتَعَلُّمِهِ، أَوِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، وَتَفْرِيجِ النَّاسِ عَلَى خِفَّةِ صَنْعَتِهِ فَيُكْرَهُ.
رُوِيَ: لَسْتُ مِنْ دَدٍ وَلَا دَدٌ مِنِّي.
وَأَمَّا سِحْرُ الْبَيَانِ، فَمَا أُرِيدَ بِهِ تَأْلِيفُ الْقُلُوبِ عَلَى الْخَيْرِ، فَهُوَ السِّحْرُ الْحَلَالُ، أَوْ سَتْرُ الْحَقِّ، فَلَا يَجُوزُ تَعَلُّمُهُ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ. وَأَمَّا حُكْمُ السَّاحِرِ حَدًّا وَتَوْبَةً، فَقَدْ تَعَرَّضَ الْمُفَسِّرُونَ لِذَلِكَ، وَلَمْ تَتَعَرَّضْ إِلَيْهِ الْآيَةُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مَوْضُوعُهَا عِلْمُ الْفِقْهِ، فَتُذْكَرُ فِيهِ.
وَما أُنْزِلَ: ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا مَوْصُولٌ اسْمِيٌّ مَنْصُوبٌ، وَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ:
السِّحْرَ، وَظَاهِرُ الْعَطْفِ التَّغَايُرُ، فَلَا يَكُونُ مَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ سِحْرًا. وَقِيلَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ، أَيْ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّياطِينُ، والَّذِي أُنْزِلَ [1] ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا عَلَّمُوهُ النَّاسَ، أَوْ مَا اتَّبَعُوهُ هُوَ مُنَزَّلٌ. وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْمُنَزَّلِ الَّذِي عُلِّمَ، أَوِ الَّذِي اتُّبِعَ فَقِيلَ: عِلْمُ السِّحْرِ أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ابْتِلَاءً مِنَ اللَّهِ لِلنَّاسِ، مَنْ تَعَلَّمَهُ مِنْهُمْ وَعَمِلَ بِهِ كَانَ كَافِرًا، وَمَنْ تَجَنَّبَهُ أَوْ تَعَلَّمَهُ لَا يَعْمَلُ بِهِ وَلَكِنْ لِيَتَوَقَّاهُ وَلِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ كَانَ مُؤْمِنًا، كَمَا ابْتُلِيَ قَوْمُ

[1] سورة البقرة: 2/ 185.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 526
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست