responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 491
وَالتَّشْدِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلتَّعْدِيَةِ. وَقَدْ ذَكَرُوا مُنَاسَبَاتٍ لِقِرَاءَاتِ الْقُرَّاءِ وَاخْتِيَارَاتِهِمْ وَلَا تَصِحُّ.
مِنْ فَضْلِهِ: مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَالْفَضْلُ هُنَا الْوَحْيُ وَالنُّبُوَّةُ. وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ تَكُونَ مِنْ زَائِدَةً عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، فَيَكُونَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ، أَيْ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ فَضْلَهُ.
عَلى مَنْ يَشاءُ. عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِيُنَزِّلُ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ يَشَاءُ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُمْ حَسَدُوهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ، وَكَانَ مِنَ الْعَرَبِ، وَعِزُّ النُّبُوَّةِ مِنْ يَعْقُوبَ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ فِي إِسْحَاقَ، فَخُتِمَ فِي عِيسَى، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ نَبِيٌّ غير نبينا محمد صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخُتِمَتِ النُّبُوَّةُ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَعَدِمُوا العز والفضل. ومِنْ هُنَا مَوْصُولَةٌ، وَقِيلَ نَكِرَةٌ موصوفة. ويَشاءُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: صِلَةٌ، فَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ، وَصِفَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَهِيَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ، وَالضَّمِيرُ الْعَائِدُ عَلَى الْمَوْصُولِ أَوِ الْمَوْصُوفِ مَحْذُوفٌ تقديره يشاؤه. مِنْ عِبادِهِ: جَارٌّ وَمَجْرُورٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، تَقْدِيرُهُ كَائِنًا مِنْ عِبَادِهِ، وَأَضَافَ الْعِبَادَ إِلَيْهِ تَشْرِيفًا لَهُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ [1] ، وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا [2] .
فَباؤُ: أَيْ مَضَوْا، وَتَقَدَّمَ مَعْنَى باؤوا. بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ: أَيْ مُتَرَادِفٍ مُتَكَاثِرٍ، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى تَشْدِيدِ الْحَالِ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ: غَضَبَانِ مُعَلَّلَانِ بِقِصَّتَيْنِ: الْغَضَبُ الْأَوَّلُ: لِعِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَالثَّانِي: لِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
أَوِ الْأَوَّلُ: كُفْرُهُمْ بِالْإِنْجِيلِ، وَالثَّانِي: كُفْرُهُمْ بِالْقُرْآنِ، قَالَهُ قَتَادَةُ. أَوِ الْأَوَّلُ: كُفْرُهُمْ بِعِيسَى، وَالثَّانِي: كُفْرُهُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ، أَوِ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُمْ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَقَوْلُهُمْ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ كُفْرِهِمْ، وَالثَّانِي: كُفْرُهُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ: الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْكَافِرِينَ لِلْعَهْدِ، وَأَقَامَ الْمُظْهَرَ مُقَامَ الْمُضْمَرِ إِشْعَارًا بِعِلَّةِ كَوْنِ الْعَذَابِ الْمُهِينِ لَهُمْ، إِذْ لَوْ أَتَى، وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ، لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى الْعِلَّةِ، أَوْ تَكُونُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعُمُومِ، فَيَنْدَرِجُونَ فِي الْكَافِرِينَ. وَوَصَفَ الْعَذَابَ بِالْإِهَانَةِ، وَهِيَ الْإِذْلَالُ، قَالَ تَعَالَى: وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [3] .
وَجَاءَ فِي الصَّحِيحِ، فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرَ أَشْيَاءَ مُحَرَّمَةً فَقَالَ: «فَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ» .
فَهَذَا الْعَذَابُ إِنَّمَا هُوَ لِتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ، أَوْ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْخُلُودَ خُلُودًا لَا يَنْقَطِعُ، أَوْ لِشِدَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ جَزَاءٌ عَلَى تَكَبُّرِهِمْ عن اتباع

[1] سورة الزمر: 39/ 7.
[2] سورة البقرة: 2/ 23.
[3] سورة النور: 24/ 2.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 491
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست