responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 465
عُمُومَ رَحْمَتِهِ لِذِي الْقُرْبَى، وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَأَنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ حُسْنًا. وَحَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ الصِّدْقُ مَعَ الْحَقِّ، وَالرِّفْقُ مَعَ الْخَلْقِ. انْتَهَى، وَبَعْضُهُ مُخْتَصَرٌ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِشَارَاتِ: الْأَسْبَابُ الْمُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: اعْتِقَادٌ وَقَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ. فَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ، عَلَى مَقَامِ التَّوْحِيدِ، وَاعْتِقَادِ مَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْخُضُوعِ مُنْفَرِدًا بِذَلِكَ، وَمَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَهِيَ: الزَّكَاةُ، وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَهِيَ: الصَّلَاةُ، وَبَدَنِيَّةٌ وَمَالِيَّةٌ وَهُوَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ.
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ: الْكَلَامُ عَلَى: تَسْفِكُونَ، كَالْكَلَامِ عَلَى: لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ مِنْ حَيْثُ الْإِعْرَابُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ الْفَاءِ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أبي جمزة كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُمَا ضَمَّا الْفَاءَ.
وَقَرَأَ أَبُو نَهِيكٍ وَأَبُو مِجْلَزٍ: بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ سَكَّنَ السِّينَ وَخَفَّفَ الْفَاءَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: لَا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ، أَيْ لَا تَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِكُمْ لِشِدَّةٍ تُصِيبُكُمْ وَحَنَقٍ يَلْحَقُكُمْ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَمْرُ الَّذِي وَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ.
وَإِخْبَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. وَصَحَّ
مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا.
وَتَظَافَرَتْ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ النَّفْسِ الْمِلَلُ.
وَقَالَ تَعَالَى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [1] . وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لَا تَسْفِكُوا دِمَاءَ النَّاسِ، فَإِنَّ مَنْ سَفَكَ دِمَاءَهُمْ سَفَكُوا دَمَهُ، وَقَالَ:
سَقَيْنَاهُمْ كَأْسًا سَقَوْنَا بِمِثْلِهَا ... وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْمَوْتِ أَصْبَرَا
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ بِارْتِكَابِكُمْ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ، كَالِارْتِدَادِ وَالزِّنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَقَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا يُزِيلُ عِصْمَةَ الدِّمَاءِ. وَقِيلَ:
مَعْنَاهُ لَا يَسْفِكُ بَعْضُكُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، وكل أَهْلُ دِينٍ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَاخْتَارَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التَّوْرَاةِ مِيثَاقًا أَنْ لَا يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا يَنْفِيَهُ، وَلَا يَسْتَرِقَهُ، وَلَا يَدَعَهُ يَسْتَرِقُ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَاتِ. وَالْخِطَابُ فِي أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لِعُلَمَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَعَ أَسْلَافِهِمْ.

[1] سورة النساء: 4/ 29.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 465
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست