responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 427
وَيَكُونُ مِمَّا حُذِفَ مِنْهُ الْمُبْتَدَأُ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، التَّقْدِيرُ: وَمَا مِنَ الْحِجَارَةِ حَجَرٌ إِلَّا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ، وَكَذَلِكَ مَا فِيهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ [1] ، أَيْ وَمَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ، وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [2] ، أَيْ وَمَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَحَدٌ، وَحَذْفُ هذا المبتدأ أحسن، دلالة الْمَعْنَى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّهُ يُشَكِّلُ مَعْنَى الْحَصْرِ، إِذْ يَظْهَرُ بِهَذَا التَّفْضِيلِ أَنَّ الْأَحْجَارَ مُتَعَدِّدَةٌ، فَمِنْهَا مَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ، وَمِنْهَا مَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ، وَمِنْهَا مَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. وَإِذَا حَصَرْتَ، أَفْهَمَ الْمَفْهُومُ قَبْلَهُ أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنَ الْأَحْجَارِ فِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ كُلُّهَا، أَيْ تَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ، وَيَتَشَقَّقُ مِنْهُ الْمَاءُ، وَيَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. وَلَا يَبْعُدُ ذَلِكَ إِذَا حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى الْقَابِلِيَّةِ، إِذْ كُلُّ حَجَرٍ يَقْبَلُ ذَلِكَ، وَلَا يَمْتَنِعُ فِيهِ، إِذَا أَرَادَ اللَّهُ ذَلِكَ. فَإِذَا تَلَخَّصَ هَذَا كُلُّهُ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ مُتَوَجِّهَةً عَلَى تَقْدِيرِ: أَنْ يَقْرَأَ طَلْحَةُ، وَإِنْ بِالتَّخْفِيفِ. وَأَمَّا إِنْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ يَقْرَأُ وَإِنَّ بِالتَّشْدِيدِ، فَيَعْسُرُ تَوْجِيهُ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ إِنَّ الْمُشَدَّدَةَ هِيَ بِمَعْنَى مَا النَّافِيَةِ، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ، وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. وَيُمْكِنُ أَنْ تُوَجَّهَ قِرَاءَةُ طَلْحَةَ لَمَّا بِالتَّشْدِيدِ، مَعَ قِرَاءَةِ إِنَّ بِالتَّشْدِيدِ، بِأَنْ يَكُونَ اسْمُ إِنَّ مَحْذُوفًا لِفَهْمِ الْمَعْنَى، كَمَا حُذِفَ فِي قَوْلِهِ:
وَلَكِنَّ زِنْجِيٌّ عَظِيمُ الْمَشَافِرِ وَفِي قَوْلِهِ:
فَلَيْتَ دَفَعْتَ الْهَمَّ عَنِّي سَاعَةً وَتَكُونُ لَمَّا بِمَعْنَى حِينَ، عَلَى مَذْهَبِ الْفَارِسِيِّ، أَوْ حَرْفَ وُجُوبٍ لِوُجُوبٍ، عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ. وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنَّ مِنْهَا مُنْقَادًا، أَوْ لَيِّنًا، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا. فَإِذَا كَانُوا قَدْ حَذَفُوا الِاسْمَ وَالْخَبَرَ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ فِي لَعَنَ اللَّهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إِلَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّ وَصَاحِبَهَا، فَحَذْفُ الِاسْمِ وَحْدَهُ أَسْهَلُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يَتَفَجَّرُ بِالْيَاءِ، مُضَارِعُ تَفَجَّرَ. وَقَرَأَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: يَنْفَجِرُ بِالْيَاءِ، مُضَارِعُ انْفَجَرَ، وَكِلَاهُمَا مُطَاوِعٌ. أَمَّا يَتَفَجَّرُ فَمُطَاوِعُ تَفَجَّرَ، وَأَمَّا يَنْفَجِرُ فَمُطَاوِعُ فَجَرَ مُخَفَّفًا. وَالتَّفَجُّرُ: التَّفَتُّحُ بِالسَّعَةِ وَالْكَثْرَةِ، وَالِانْفِجَارُ دُونَهُ، وَالْمَعْنَى: إن من الحجارة ما فِيهِ خُرُوقٌ وَاسِعَةٌ يَنْدَفِقُ مِنْهَا الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْغَمْرُ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَالضَّحَّاكُ: مِنْهَا الْأَنْهَارُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مِنْهُ، فَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى حَمْلٌ عَلَى الْمَعْنَى، وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ عَلَى اللَّفْظِ، لِأَنَّ مَا لَهَا هُنَا لَفْظٌ وَمَعْنًى، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحِجَارَةُ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مفردا

[1] سورة الصافات: 37/ 164.
[2] سورة النساء: 4/ 159.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 427
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست