responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 419
تَفَاعَلْتُمْ، وَهُوَ الْأَصْلُ، هَكَذَا نَقَلَ بَعْضُ مَنْ جَمَعَ فِي التَّفْسِيرِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ، وَأَبُو السَّوَّارِ الْغَنَوِيُّ: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ، وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ: فَتَدَارَأْتُمْ عَلَى الْأَصْلِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَنَقَلَ مَنْ جَمَعَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ أَبَا السَّوَّارِ قَرَأَ: فَدَرَأْتُمْ، بِغَيْرِ أَلِفٍ قَبْلَ الرَّاءِ. وَيَحْتَمِلُ هَذَا التَّدَارُؤُ، وَهُوَ التَّدَافُعُ، أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْأَيْدِي، لِشِدَّةِ الِاخْتِصَامِ. وَيَحْتَمِلُ الْمَجَازَ، بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ طَرَحَ قَتْلَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَدَفَعَ الْمَطْرُوحُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إِلَى الطَّارِحِ، أَوْ بِأَنْ دَفَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالتُّهْمَةِ وَالْبَرَاءَةِ. وَالضَّمِيرُ فِي: فِيهَا عَائِدٌ عَلَى النَّفْسِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقِيلَ: عَلَى الْقَتَلَةِ، فَيَعُودُ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْفِعْلِ، وَقِيلَ: عَلَى التُّهْمَةِ، فَيَعُودُ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَعْنَى الْكَلَامِ.
وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ، مَا: مَنْصُوبٌ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، وَهُوَ مَوْصُولٌ مَعْهُودٌ، فَلِذَلِكَ أَتَى بِاسْمِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الثُّبُوتِ، وَلَمْ يَأْتِ بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ دَالٌّ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالتَّكْرَارِ، وَلَا تَكْرَارَ، إِذْ لَا تَجَدُّدَ فِيهِ، لِأَنَّهَا قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ مَعْرُوفَةٌ، فَلِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لَمْ يَأْتِ بِالْفِعْلِ. وَجَاءَ اسْمُ الْفَاعِلِ مُعْمَلًا، وَلَمْ يُضَفْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَاضِيًا، لِأَنَّهُ حَكَى مَا كَانَ مُسْتَقْبَلًا وَقْتَ التَّدَارُؤِ، وَذَلِكَ مِثْلُ مَا حَكَى الْحَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ [1] . وَدَخَلَتْ كَانَ هُنَا لِيَدُلَّ عَلَى تَقَدُّمِ الْكِتْمَانِ، وَالْعَائِدُ عَلَى مَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ مِنْ أَمْرِ الْقَتِيلِ وَقَاتِلِهِ، وَعَلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِي الْقَتِيلِ وَغَيْرِهِ، فَيَكُونَ الْقَتِيلُ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِهِ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ، إِذْ لَيْسَ كُلُّ مَا كَتَمُوهُ عَنِ النَّاسِ أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها
: جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ: قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها.
وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ اعْتِرَاضِيَّةٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ التَّدَارُؤَ لَا يُجْدِي شَيْئًا، إِذِ اللَّهُ تَعَالَى مُظْهِرٌ مَا كُتِمَ مِنْ أَمْرِ الْقَتِيلِ. وَالْهَاءُ فِي اضْرِبُوهُ عَائِدٌ عَلَى النَّفْسِ، عَلَى تَذْكِيرِ النَّفْسِ، إِذْ فِيهَا التَّأْنِيثُ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ، وَالتَّذْكِيرُ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ وَإِذْ قَتَلْتُمْ ذَا نَفْسٍ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مُقَامَهُ، فَرُوعِيَ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ مُؤَنَّثًا فِي قَوْلِهِ:
فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا، وَرُوعِيَ الْمَحْذُوفُ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ مُذَكَّرًا فِي قَوْلِهِ: فَقُلْنا اضْرِبُوهُ
،

[1] سورة الكهف: 18/ 18.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 419
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست