responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 409
كَانَ لَوْنُهَا مِنَ الْأَشْيَاءِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تَتَجَدَّدُ، جَاءَ الْوَصْفُ بِهِ بِالِاسْمِ لَا بِالْفِعْلِ، وَتَأَخَّرَ هَذَا الْوَصْفُ عَنِ الْوَصْفِ قَبْلَهُ، لأنه ناشىء عَنِ الْوَصْفِ قَبْلَهُ، أَوْ كالناشىء، لِأَنَّ اللَّوْنَ إِذَا كَانَ بَهِجًا جَمِيلًا، دَهِشَتْ فِيهِ الْأَبْصَارُ، وَعَجِبَتْ مِنْ حُسْنِهِ الْبَصَائِرُ، وَجَاءَ بِوَصْفِ الْجَمْعِ فِي النَّاظِرِينَ، لِيُوَضِّحَ أَنَّ أَعْيُنَ النَّاسِ طَامِحَةٌ إِلَيْهَا، مُتَلَذِّذَةٌ فِيهَا بِالنَّظَرِ. فَلَيْسَتْ مِمَّا تُعْجِبُ شَخْصًا دُونَ شَخْصٍ، وَلِذَلِكَ أَدْخَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ، أَيْ هِيَ بِصَدَدِ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سُرَّ بِهَا، وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ هُنَا مِنْ نَظَرِ الْقَلْبِ، وَهُوَ الْفِكْرُ، فَيَكُونُ السُّرُورُ قَدْ حَصَلَ مِنَ التَّفَكُّرِ فِي بَدَائِعِ صُنْعِ اللَّهِ، مِنْ تَحْسِينِ لَوْنِهَا وَتَكْمِيلِ خَلْقِهَا. وَالضَّمِيرُ فِي تَسُرُّ عَائِدٌ عَلَى الْبَقَرَةِ، عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ تَسُرُّ صِفَةٌ، وَإِنْ كَانَ خَبَرًا، فَهُوَ عَائِدٌ عَلَى اللَّوْنِ الَّذِي تَسُرُّ خَبَرٌ عَنْهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ التَّأْنِيثِ، وَلِذَلِكَ مَنْ قَرَأَ يَسُرُّ بِالْيَاءِ، فَهُوَ عَائِدٌ عَلَى اللَّوْنِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَوْنُهَا مُبْتَدَأً، وَيَسُرُّ خَبَرًا، وَيَكُونَ فاقعا صفة تابعة لصفراء، عَلَى حَدِّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَنْشَدْنَاهُ وَهُوَ:
وَإِنِّي لَأَسْقِي الشَّرْبَ صَفْرَاءَ فَاقِعًا عَلَى قِلَّةِ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَوْنُهَا فَاعِلًا بفاقع، ويسر إخبار مستأنف. وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ يُشِيرُونَ إِلَى أَنَّ الصُّفْرَةَ مِنَ الْأَلْوَانِ السَّارَّةِ، وَلِهَذَا كَانَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهُهُ، يَرْغَبُ فِي النِّعَالِ الصُّفْرِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الصُّفْرَةُ تَبْسُطُ النَّفْسَ وَتُذْهِبُ الْهَمَّ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا يَحُضُّ عَلَى لُبْسِ النِّعَالِ الصُّفْرِ. وَنَهَى ابْنُ الزُّبَيْرِ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ لِبَاسِ النِّعَالِ السُّودِ، لِأَنَّهَا تُهِمُّ.
قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا هِيَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ المرسي في ري الظَّمْآنِ وَجْهُ الِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِمْ، أَنَّ كُلَّ بَقَرَةٍ لَا تَصْلُحُ عِنْدَهُمْ أَنْ تَكُونَ آيَةً، لِمَا عَلِمُوا مِنْ نَاقَةِ صَالِحٍ وَمَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْعَجَائِبِ، فَظَنُّوا أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَكُونُ آيَةً إِلَّا إِذَا كَانَ عَلَى ذَلِكَ الْأُسْلُوبِ، وَذَلِكَ لَمَّا نُبِّئُوا أَنَّهَا آيَةٌ، سَأَلُوا عَنْ مَاهِيَّتِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلُوا مُوسَى عَنْ ذَلِكَ، بَلْ سَأَلُوهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، إِذِ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْعَالِمُ بِالْآيَاتِ، وَإِنَّمَا سَأَلُوا عَنِ التَّعْيِينِ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مُقْتَضَاهُ الْإِطْلَاقُ، لِأَنَّهُمْ لَوْ عَمِلُوا بِمُطْلَقِهِ لَمْ يَحْصُلِ التَّقَصِّي عَنِ الْأَمْرِ بِيَقِينٍ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا لَمْ يُمْكِنُ التَّمَاثُلُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَحَصَلَ الِاشْتِبَاهُ، سَاغَ لَهُمُ السُّؤَالُ، فَأُخْبِرُوا بِسِنِّهَا، فَوَجَدُوا مِثْلَهَا فِي السِّنِّ كَثِيرًا، فَسَأَلُوا عَنِ اللَّوْنِ، فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ، فَلَمْ يَزُلِ اللَّبْسُ بِذَلِكَ، فَسَأَلُوا عَنِ الْعَمَلِ، فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ، وَعَنْ بَعْضِ أَوْصَافِهَا الْخَاصِّ بِهَا، فَزَالَ اللَّبْسُ بِتَبْيِينِ السِّنِّ وَاللَّوْنِ وَالْعَمَلِ وَبَعْضِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 409
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست