responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 407
قيل: أرادوا كلا ذَيْنِكَ، فَأَطْلَقَ الْمُفْرَدَ وَأَرَادَ بِهِ الْمُثَنَّى، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ أَطْلَقَ ذَلِكَ وَيُرِيدُ بِهِ ذَيْنِكَ، وَهَذَا مُجْمَلٌ غَيْرُ الْأَوَّلِ. وَالَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ غَيْرُ مَا ذَكَرُوا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا حُذِفَ مِنْهُ الْمَعْطُوفُ، لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، التَّقْدِيرُ: عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ وَهَذَا، أَيْ بَيْنَ الْفَارِضِ وَالْبِكْرِ، فَيَكُونُ نَظِيرَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
فَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَيْرِ لَوْ جَاءَ سَالِمًا ... أَبُو حجر إلا ليال قلائل
أَيْ: فَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَيْرِ وَبَاغِيهِ، فَحُذِفَ لِفَهْمِ المعنى: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [1] أَيْ وَالْبَرْدَ. وَإِنَّمَا جُعِلَتْ عَوَانًا لِأَنَّهُ أَكْمَلُ أَحْوَالِهَا، فَالصَّغِيرَةُ نَاقِصَةٌ لِتَجَاوُزِهَا حَالَتَهُ.
فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ: أَيْ مِنْ ذَبْحِ الْبَقَرَةِ، وَلَا تُكَرِّرُوا السُّؤَالَ، وَلَا تَعَنَّتُوا فِي أَمْرِ مَا أُمِرْتُمْ بِذَبْحِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ قَوْلِ مُوسَى، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. حرّضتم عَلَى امْتِثَالِ مَا أُمِرُوا بِهِ، شَفَقَةً مِنْهُ. وَمَا مَوْصُولَةٌ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَا تُؤْمَرُونَهُ، وَحُذِفَ الْفَاعِلُ لِلْعِلْمِ بِهِ، إِذْ تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ، وَلِتَنَاسُبِ أَوَاخِرِ الْآيِ، كَمَا قُصِدَ تَنَاسُبُ الْإِعْرَابِ فِي أَوَاخِرِ الْأَبْيَاتِ فِي قَوْلِهِ:
وَلَا بُدَّ يَوْمًا أَنَّ تُرَدَّ الْوَدَائِعُ إِذْ آخِرُ الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا قَوْلُهُ:
وَمَا يَدْرُونَ أَيْنَ الْمَصَارِعُ وأجاز بعضهم أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةً، أَيْ: فَافْعَلُوا أَمْرَكُمْ، وَيَكُونَ الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، أَيْ مَأْمُورَكُمْ، وَفِيهِ بُعْدٌ قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا لَوْنُها لَمَّا تَعَرَّفُوا سِنَّ هَذِهِ، شَرَعُوا فِي تَعَرُّفِ لَوْنِهَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى نَقْصِ فِطَرِهِمْ وَعُقُولِهِمْ، إذ قد تقدّم أمران: أَمْرُ اللَّهِ لَهُمْ بِذَبْحِ بَقَرَةٍ، وَأَمْرُ الْمُبَلِّغِ عَنِ اللَّهِ، النَّاصِحِ لَهُمْ، الْمُشْفِقِ عَلَيْهِمْ، بِقَوْلِهِ:
فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَرْتَدِعُوا عَنِ السُّؤَالِ عَنْ لَوْنِهَا، وَالْقَوْلُ فِي: ادْعُ لَنا رَبَّكَ، وَفِي جَزْمِ: يُبَيِّنْ، وَفِي الْجُمْلَةِ الْمُسْتَفْهَمِ بِهَا وَالْمَحْذُوفِ بَعْدَهُ سَبَقَ نَظِيرُهُ فِي الْآيَةِ قَبْلَهُ، فَأَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ. قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ: قَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ اللَّوْنُ الْمَعْرُوفُ: وَلِذَلِكَ أُكِّدَ بِالْفُقُوعِ وَالسُّرُورِ، فَهِيَ صَفْرَاءُ حَتَّى الْقَرْنُ وَالظِّلْفُ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: عَنَى بِهِ هُنَا السَّوَادَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَصَفْرَاءُ لَيْسَتْ بِمُصْفَرَّةٍ ... وَلَكِنَّ سَوْدَاءَ مِثْلَ الْحُمَمْ

[1] سورة النحل: 16/ 81.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست