responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 391
يَتِمُّ ذَلِكَ أَيْضًا إِلَّا عَلَى تَقْدِيرِ تَغَايُرِ الْإِيمَانَيْنِ، كَمَا ذَكَرْنَا، إِذَا كَانَتْ مُبْتَدَأَةً. وَالَّذِي نَخْتَارُهُ أَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ الْمَعَاطِيفِ الَّتِي بَعْدَ اسْمِ إِنَّ، فَيَصِحُّ إِذْ ذَاكَ الْمَعْنَى، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: إِنِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ غَيْرِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ، وَمَنْ آمَنَ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ، فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ. وَدَخَلَتِ الْفَاءُ فِي الْخَبَرِ، لِأَنَّ الْمَوْصُولَ ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِدُخُولِ إِنَّ عَلَى الْمَوْصُولِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَلَا مُبَالَاةَ بِمَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَنْ آمَنَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَحُذِفَ مِنْهُ حَرْفُ الْعَطْفِ، التَّقْدِيرُ: وَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ فَقَوْلُهُ بَعِيدٌ عَنِ الصَّوَابِ، وَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، وَقَدِ انْدَرَجَ فِي الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ، إِذِ الْبَعْثُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الرُّسُلِ.
وَعَمِلَ صالِحاً: هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِ الصَّلَاحِ وَأَقْوَالِهَا وَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ، أَوِ التَّصْدِيقِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَالٌ. الثَّانِي: يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ حُمِلَ الصِّلَةُ أَوْ فِعْلُ الشَّرْطِ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى لَفْظِ مَنْ، فَأُفْرِدَ الضَّمِيرُ فِي آمَنَ وَعَمِلَ ثُمَّ قَالَ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَجَمَعَ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى. وَهَذَانِ الْحَمْلَانِ لَا يَتِمَّانِ إِلَّا بِإِعْرَابِ مَنْ مُبْتَدَأً، وَأَمَّا عَلَى إِعْرَابِ مَنْ بَدَلًا، فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا حَمْلٌ عَلَى اللَّفْظِ فَقَطْ. وَلِلْحَمْلِ عَلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى قُيُودٌ ذُكِرَتْ فِي النَّحْوِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَطِيَّةَ: وَإِذَا جَرَى مَا بَعْدَ مَنْ عَلَى اللَّفْظِ فَجَائِزٌ أَنْ يُخَالَفَ بِهِ بَعْدُ عَلَى الْمَعْنَى، وَإِذَا جَرَى مَا بَعْدَهَا عَلَى الْمَعْنَى، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُخَالَفَ بِهِ بَعْدُ عَلَى اللَّفْظِ، لِأَنَّ الْإِلْبَاسَ يَدْخُلُ فِي الْكَلَامِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ، بَلْ يَجُوزُ إِذَا رَاعَيْتَ الْمَعْنَى أَنْ تُرَاعِيَ اللَّفْظَ بَعْدَ ذَلِكَ. لَكِنَّ الْكُوفِيِّينَ يَشْتَرِطُونَ الْفَصْلَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْحَمْلَيْنِ فَيَقُولُونَ: مَنْ يَقُومُونَ فِي غَيْرِ شَيْءٍ، وَيَنْظُرُ فِي أُمُورِنَا قَوْمُكَ وَالْبَصْرِيُّونَ لَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ، وَهَذَا عَلَى مَا قُرِّرَ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ:
تُرْوَى الْأَحَادِيثُ عَنْ كُلِّ مُسَامَحَةٍ ... وَإِنَّمَا لِمُعَانِيهَا مَعَانِيهَا
وأجرهم: مرفوع بالابتداء، ولهم فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ. وَعِنْدَ الْأَخْفَشِ وَالْكُوفِيِّينَ: أَنَّ أَجْرَهُمْ مَرْفُوعٌ بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ. عِنْدَ رَبِّهِمْ: ظَرْفٌ يَعْمَلُ فِيهِ الِاسْتِقْرَارُ الَّذِي هُوَ عَامِلٌ فِي لَهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: كَائِنًا عِنْدَ رَبِّهِمْ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَلا خَوْفٌ، بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: وَلَا خَوْفُ، مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ: وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [1] فِي آخِرِ قصة آدم على نبينا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.

[1] سورة البقرة: 2/ 262 و 274 و 277.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 391
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست